وقد أَمَرَ اللهُ أَهْلَ الإِنجيلِ بأَنْ يَحكموا بما أَنزلَ اللهُ فيه، وذلك في قوله
تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧).
ولا تدلُّ هذه الآيةُ على اعتمادِ الإِنجيل، والشهادةِ له بعدمِ التغييرِ أَو
التبديل، كما ادَّعى الفادي الجاهل، إِنما تُخبرُ الآية ُ عن أَمْرٍ تاريخي، يُقَرِّرُ
أَنَ اللهَ بعثَ عيسى - عليه السلام - رسولاً، وأَنزلَ عليه الإِنجيل، وأَمَرَ أَتْباعَه النصارى بالتحاكمِ إِليه.
وهذا قبلَ بعثةِ محمدٍ - ﷺ -، وقبلَ إِنزالِ القرآنِ عليه.
أَمّا بَعْدَ البعثةِ فإِنَّ أَهْلَ الإِنجيلِ مثلُ أَهْلِ التوراة، مأْمورون بالإِيمانِ
بالقرآن والحكمِ بما أَنزلَ اللهُ فيه.
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).
ولذلك أَمَرَ اللهُ رسولَه محمداً - ﷺ - أَنْ يَحكمَ بين اليهودِ والنصارى بما أَنزلَ اللهُ عليه في القرآن.
قال تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ).
ولذلك أَخبرَ اللهُ أَنَّ اليهودَ والنصارى ليسوا على شيء، حتى يُقيموا
التوراةَ والإِنجيلَ والاقرآنَ.
قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ).
والذي أُنزلَ إِليهم من ربِّهم هو القرآن، وهذا معناهُ أَنَّ الإِيمانَ الصحيحَ بالتوراةِ والإِنجيلِ يَجبُ أَنْ يقودَ إِلى الإِيمانِ بالقرآن.
وبعد هذا التوضيح يظهرُ كذبُ الفادي في ما قاله في نهايةِ كلامِه:
" فالكتابُ المقَدَّسُ إِذنْ صحيح، لم يَعْتَرِهِ تحريف أَو تبديلٌ أَو زيادَ أَو
نقصان ".
فالقرآنُ جَزَمَ بأَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ - بقسمَيْهِ التوراةِ والإِنجيل - أَصابَه
ما أَصابَه من التحريفِ والتبديلِ والزيادةِ والنقصان!!.
وجَزَمَ الفادي المفترِي بأَنَّ عيسى - عليه السلام - لم يُبَشِّرْ بالنبيِّ الخاتم - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon