والمفتري في كلامِه يُكَذِّبُ القرآن، ويُشَكِّكُ في صدقِ أَخْبارِه، وذلك في
جملة: " فإِذا صَدَقَتْ أَقوالُ القرآن "..
ومنَ البَدَهِى عند كلِّ مسلمٍ ومنصفٍ أَنَّ أَقوالَ القرآنِ صادقة، لا شكَّ ولا خَطَأَ فيها، فما قالَه اللهُ في القرآنِ فهو الصدقُ والحقُّ والصواب.
وقد ذَكَرَ القرآنُ أَسماءَ خمسةٍ وعشرينَ نبيّاً ورسولاً، وليست النبوةُ
والرسالةُ محصورةً فيهم، أَيْ أَنَّ اللهَ لم يذكُرْ كُلَّ الأَنبياءِ في القرآن، وإِنما ذَكَرَ أَشْهَرَهم فقط، والأَنبياءُ يُعَدّونَ بالآلاف، لم يُخْبِرْنا اللهُ إِلّا بأَسماءِ خمسةٍ
وعشرينَ منهم.
كثيرٌ من الأَنبياءِ لم يُخبرْنا اللهُ عنهم، فلم نَعرفْ أَسماءَهم.
قال تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ).
وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
ومعنى هذا أَنَّ اللهَ بَعَتَ أَنبياءَ لكلِّ الأَقوامِ السابقين الذين كانوا يَعِيشونَ
في آسية وإفريقية وأَمريكة وأَوروبة وأُسترالية وغيرها، لكنه لم يُخْبِرْنا بأَسماءِ
هؤلاءِ الأَنبياء، وعدمُ معرفتِنا بأَسمائِهم لا يَنفي كونَهم أَنبياء.
ومن مزايا الأَنبياءِ والرسلِ السابقين أَنَّ كُلَّ نبيٍّ كانَ يُبْعَثُ إِلى قومِه
خاصة، وكلُّ أَنبياءِ بني إِسرائيل كانوا يُرْسَلونَ إِلى بني إِسرائيلَ خاصة، ولم
يُبْعَثوا إِلى غيرِهم.
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ).
وآخِرُ أَنبياءِ بني إِسرائيل هو عيسى - عليه السلام -، فقد بَعَثَهُ اللهُ رسولاً إِليهم خاصة، ولم يكنْ رَسولاً للنّاسِ كافَّة.
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).