والالتفات عندهم هو الانتقال من واحدٍ من التكلم والخطاب والغيب إلى آخر يعني: يكون السياق للغيبة ثم ينتقل إلى متكلم، أو متكلم إلى الغيبة، أو من الغيبة إلى التكلم، هذه الثلاثة، ثلاثة في اثنين بستة لأن المتكلم لا ينتقل إلى المتكلم ولا الغيب إلى الغيبة ولا.. ماذا؟ ولا الخطاب إلى الخطاب. إذًا ثلاثة في اثنين بستة هذا هو الأصل، أن ينتقل من التكلم إلى الغيبة أو الخطاب، أو من الخطاب إلى التكلم والغيبة، أو من الغيبة إلى التكلم والخطاب. هذه ستة أنواع.
إذًا نقول: الالتفات هو الانتقال من واحدٍ من التكلم والخطاب والغيبة إلى آخر وهذا الآخر محصورٌ في ستة أنواع في ستة أنواع مثال الانتقال من الغيبة إلى الخطاب ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ﴾ [الفاتحة: ٣، ٥] هذا انتقال من ماذا من غيبة إلى خطاب لأن الاسم الظاهر هذا من الغيبة معدود في الغيبة ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٢، ٤] تتكلم عن ماذا؟ عن غائبٍ باعتبار اللفظ ثم قلت: ﴿إِيَّاكَ﴾ هذا انتقال من غيبة إلى خطاب هذا يسمى ماذا يسمى الالتفات. ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ والأصل إياه نعبد هذا الأصل لو أردنا السياق أن يكون واحدًا الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياه نعبد وإياه نستعين، لكن لما انتقل من الغيبة للخطاب صار التفاتًا، ومن التكلم إلى الخطاب ﴿وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ يتكلم عن نفسه ﴿وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ﴾ ترجع؟ قال: ﴿تُرْجَعُونَ﴾ [يس: ٢٢] انتقال من ماذا؟ من التكلم إلى الخطاب ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ الأصل الكلام يتكلم عن نفسه وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه أُرجع هذا أصل الكلام لكن انتقل منه إلى الخطاب قال:... ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
ومثاله من الخطاب إلى الغيب قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم﴾. والأصل بكم خطاب ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ﴾. كنتم أنتم ﴿فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم﴾. يعني بآبائهم.
ومن التكلم إلى الغيبة ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ثم قال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ والأصل فصل لي أليس كذلك؟ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ أو فصل لنا لأنه قال: ﴿إِنَّا﴾ واضح هذا؟ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ هذا متكلم ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ والأصل أن يقول فصل لنا لكن هذا يُسَمَّى التفات من التكلم إلى الغيب.
ومن الغيبة إلى التكلم ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ﴾ [فاطر: ٩] والأصل فساقه الله ثم قال: ﴿فَسُقْنَاهُ﴾ من غيبة إلى تكلم.
إذًا هذه أنواع الالتفات وتذكر في علم البيان مفصلاً.
(التَّكْرِيْرُ) يعني: ومنها التكرير والمراد به التأكيد للفظ أو الجملة ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٣، ٤] قالوا: هذا مجاز. والأصح أنه ليس بمجاز، في عد التكرار من المجاز في خلاف والصحيح أنه حقيقة وليس بمجازٍ.


الصفحة التالية
Icon