النوع الثاني: أن تدل - يعني الأسماء على مسمياتها - أن تدل على ذاتٍ واحدةٍ كالأول لكن زاد هذا النوع على الأول باعتبار تباين صفاتها. إذًا زاد عن الأول بماذا؟ اشترك مع الأول بالدلالة على الذات، لكن الأول دل على الذات دون أن يتضمن اللفظ صفةً، والثاني: دل على الذات أيضًا كالأول إلا أنه زاد مع دلالته على الذات دلالة على صفةٍ فيه، فحينئذٍ النظر إلى هذه الألفاظ باعتبار دلالتها على الذات فهي شيءٌ واحد مترادفة، وباعتبار ما تضمنته من الصفات فهي متباينة، فيقع التباين في الصفات ويقع الإتحاد والترادف في الذات، ولذلك قيل الخلاف في مسألة وجود الترادف أو نفيه في اللغة خلافٌ لفظي، لأن من أثبت الترادف أثبت باعتبار دلالته على الذات ومن نفاه باعتبار كون اللفظ متضمنًا للصفات، لكن يُرَدُّ بما ذكره من النوع الأول ابن القيم رحمه الله تعالى، مثل ابن القيم للثاني بأسماء الرب جل وعلا وأعلامه، فأسماء الرب، يَرِدُ سؤال عند البعض هل هي مترادفة أم متباينة؟ فقيل مترادفة وقيل متباينة والصواب أنها فيها التفصيل باعتبار دلالتها على الذات فهي مترادفة، فمدلول الرحمن على ذاته هو مدلول الرحيم، السميع، العليم الذات واحد الحمد لله، وأما باعتبار دلالتها على الصفات فهي متباينة.
الرحمن: دل على ذاتٍ وصفةٍ هي: الرحمة.
الرحيم: دل على ذاتٍ صفةٍ هي: الرحمة.
العليم: دل على ذاتٍ هي التي دل عليها لفظ الرحمن، لكن دل على صفةٍ مغايرة لصفات الرحمة، إذًا باعتبار الذات هي مجرد مرادفة وباعتبار الصفات هي متباينة، وهذا كلام جميل. وبذلك يُرَدُّ على النحاة في قولهم: الرحمن الرحيم، الرحمن كيف وقع نعتًا للفظ الجلالة، والأعلام باتفاق لا يُنْعَتُ بها، فأنكر بعضهم قول الرحمن علم قال: لا ليس بعلم هو كالعلم ليس بعلم لأنه جاء تابعًا كما في البسملة وجاء متبوعًا يعني لم يتبع غيره ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن: ١، ٢]. جاء ابتداء ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]. إذًا عومل في هاتين الآيتين معاملة الأعلام، والأعلام لا يُنْعَتُ بها، فجاء في البسملة مثلاً أو في غيره: بسم الله الرحمن ماذا نعربه؟ نقول: صفة، طيب والأعلام لا يُنْعَتُ بها باتفاق فكيف نقول هو علم؟ نقول: هو علم ولا شك فيه لدلالته على الذات وهو صفةٌ لتضمنه لصفة الرحمة، وفي الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن، هنا نُعِتَ به من حيث دلالته على الصفة لم يراعَ فيه أصالة الذات وإنما من حيث دلالته على الصفة صح وقوعه نعتًا تابعًا لغيره ولا إشكال.
إذًا هذا قسمان للمترادف. الترادف يقع في الأسماء كالأسد والليث، ويقع في الأفعال قعد وجلس ومضى وذهب، ويقع في الحروف كإلى وحتى فإنهما يفيدان الغاية، حينئذٍ وقع الترادف في كل أقسام الكلمة كما أن المشترك وقع في كل أقسام الكلمة.
اختلف أهل العلم في وجود المترادف في اللغة على ثلاثة أقوال كما اختلفوا في المشترك.
القول الأول: أنه واقعٌ في اللغة ويلزم منه على الأصل أنه واقعٌ في القرآن، فإذا وجد ولو لفظٌ واحدٌ في القرآن مترادفان حكمنا عليهما بأنهما مترادفان لا إشكال في ذلك لماذا؟