لكونه واقعًا في اللغة، لكن مع وقوعه في اللغة حينئذٍ لا بد وأن نسلم بأنه على خلاف الأصل، الترادف على خلاف الأصل لماذا؟
لأن الأصل في دلالة الأسماء على مسمياتها التباين، هذا هو الأصل وضع كل اسمٍ لمسمًى خاص ينفك به عن غيره، فحينئذٍ إذا وضع لفظان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة لمسمى واحد نقول: هذا على خلاف الأصل.
إذًا أنه واقعٌ في اللغة ومع ذلك فهو خلافٌ الأصل وهو التباين، الأصل هو التباين ولكن مع قولهم بأنه واقعٌ في اللغة حكموا عليه بأنه قليل وهو الحق ولغة العرب فاطحةٌ به.
ومن فوائده - من فوائد الرديفين - هذا على قول من رَجَّحَ بأنه كائن في اللغة حكم بكون اللغة فاطحةً بهذه الألفاظ. من فوائده لو قيل ما الفائدة من وضع الإنسان والبشر لمسمى واحد أو الأسد والليث لمسمى واحد أو المهند والسيف لمسمًى واحد ما الفائدة؟
قالوا: من فوائده أن أحد الرديفين يصلح لما لا يصلح له الآخر في السجع والشعر والغناء، قد يأتي اللفظ يريد معنى السيف فلا يصلح كلمة سيف وتكون القافية منتهية مختومة بالدال فيأتي بالمهند مثلاً، حينئذٍ نقول: صلح المهند لما لا يصلح له لفظ السيف ومعلومٌ أن كلام العرب قسمان: شعرٌ، ونثر.
والشعر عندهم مقصودٌ كما أن النثر مقصودٌ، إذًا من فوائده أن أحد الرديفين يصلح لما لا يصلح له الآخر في السجع والشعر والغناء.
وقد يكون أحدهما أسهل على الألثغ الذي لا ينطق ببعض الحروف، فالذي لا يقدر على النطق على الراء مثلاً لا يقل: بُرّ. يقول: قمح، أما بُرِّ هذه يخرجها من القاموس لأنه لا ينطق بالراء حينئذٍ له فائدة أو لا؟ له فائدة.
القول الثاني: أنه غير واقعٌ في اللغة. وهو قول ثعلب وابن فارس والزجاج وأبي هلال العسكري، وقالوا: لأن وضع اللفظ أو وضع اللفظين لمعنى واحدٌ عيٌ يعني ماذا؟ عجز لأن الأصل أن يضع كل لفظٍ أو كل معنًى أن يضع له لفظًا مستقلاً هذا هو الأصل ولذلك نقول الأصل في اللغة التباين والترادف هذا فرعٌ وكل ما يُظن مترادفًا فمباينٌ بالصفة، وهل أرباب القول الأول ينكرون هذه الفائدة؟ الجواب: لا. ولذلك ذكر أن الخلاف لفظيٌّ لأن من أنكر الترادف نظر إلى دلالة كل لفظٍ على صفةٍ لا يتضمنها اللفظ الآخر. فقالوا: الإنسان، وبشر هذا يدل على شيءٍ واحد ولا شك لكن الإنسان لوحظ فيه معنى وهو النسيان أو من الإنس والبشر هذا لوحظ فيه معنى وهو ظهور البشرة فحينئذٍ ظهور البشرة هذا صفةٌ دل عليها لفظ بشر والنسيان صفةٌ دل عليها لفظ إنسان، فحينئذٍ حصل التباين، فكل ما ظُنَّ أنه مترادف فهو متباين بالصفة، لكن نقول المسمى الذات الجوهر شيءٌ واحد أو لا؟
شيءٌ واحد ولا شك فيه.
الثالث: التفصيل. فهو واقع في اللغة لا في الأسماء الشرعية يعني في الشرع لا، وهذا منقول عن الرازي، وأنكر الإمام في الشرعية فيمتنع فيها يعني: في الشرعيات لماذا؟ قالوا: لأنه ثبت على خلاف الأصل ثبت الترادف والقول به على خلاف الأصل للحاجة إليه كما سبق في نحو النظم والسجع وهذا موجود في القرآن؟


الصفحة التالية
Icon