المضارع الماضي واضح أنه للماضي، والمضارع هذا فيه خلاف والمشهور عند الجمهور أنه للحال والاستقبال حينئذٍ يكون مشتركًا بين معنيين فإذا قلت: زيدٌ يصلي، يصلي هذا فعل مضارع فيحتمل حينئذٍ دلالته عن الحال جائز أنه يصلي الآن قائم يركع ويسجد ويحتمل أن زيدٌ يصلي، يصلي في المستقبل سيصلي يعني، هذا هو المشهور عند النحاة والجمهور على هذا، والصحيح أنه حقيقةٌ في الحال مجاز في الاستقبال، هذا هو الأصح، والسيوطي رجح في... ((همع الهوامع)) مذهب الجمهور، لكن الصواب أنه حقيقةٌ في الحال، مجاز في الاستقبال، بدليل ماذا؟ بدليل أنه إذا اقترن به لفظٌ كالسين وسوف حينئذٍ ينصرف إلى الاستقبال، وما تَعَيَّنَ بقرينته وهو الاستقبال هنا هذا هو حقيقة المجاز، فحينئذٍ نقول زيدٌ يصلي الأصح أنه يحمل على أنه يصلى الآن يركع ويسجد، أما إذا أردت أنه سيصلي فهذا معنى المجاز فحينئذٍ لا بد من الإتيان بالسين أو بسوف تقول: زيدٌ يصلي. زيدٌ سوف يصلي. أما حمل اللفظ على معنييه هذا ليس بصحيح، ثم هذا ينافي تقسيمهم هم يقولون: قسمنا الأفعال لماذا ثلاثة؟ باعتبار الزمن لأن الحدث إما أن يقع في زمنٍ قد مضى عن زمن الإخبار، وإما في وقته، وإما في مستقبل. قالوا: الماضي هو للماضي، والمستقبل هو الأمر، حينئذٍ يتعين أن يكون المضارع للحال. حينئذٍ يناقش لأن الأزمنة ثلاثة، فإذا جُعل المضارع إذا جُعل الفعل المضارع حقيقة في الاستقبال حينئذٍ كيف يكون الأمر مستقلاً بذاته من حيث الزمن، هذا ممكن يتمشى على مذهب الكوفيين القائلين بأن القسمة ثنائية وبأن فعل الأمر جزءٌ ومقتطع من فعل مضارع، (مُضَارِعٌ) يعني: ومضارع يستعمل للحال والاستقبال، والصواب لأنه ليس مشتركٌ فيهما بل يتعين فيه الحال ويكون في المستقبل للاستقبال، (وَرَا) يعني: وورا ولفظة ورا بالقصر وراء بالمد لغة في وراء فإنه للخلف والأمام، ولذلك قرأ ابن عباس ﴿وَكَانَ وَرَاءهُم﴾ [الكهف: ٧٩] وكان أمامهم ﴿وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ﴾ وكان أمامهم المعنى واحد، فوراء يأتي بمعنى الأمام يأتي بمعنى الأمام، هذا ما يتعلق بالمشترك ووقوع بعض هذه الألفاظ الذي ذكرها الناظم في القرآن يدل على ماذا؟ لأن (قُرْءٌ وَوَيْلٌ نِدُّ والمَوْلَى) واقعة في القرآن فيدل على ماذا؟ لو حكمنا عليها بأنها مشتركٌ لفظي يدل على وجود المشترك في القرآن، ولا مانع من ذلك وجود، المشترك في القرآن وكل ما ذكره هنا المصنف (قُرْءٌ وَوَيْلٌ نِدُّ والمَوْلَى) (تَوَّابٌ الْغَيُّ مُضَارِعٌ وَرَا) هذه كلها أسماء، ومضارعٌ؟ و (مُضَارِعٌ) يعني: زمن المضارع فحينئذٍ المحكوم عليه هنا بكونه مشتركًا هو الفعل المضارع لذلك يقدر (مُضَارِعٌ) يعني: فعلٌ مضارعٌ، مضارعٌ لأنه صفة لموصوف محذوف يكون التقدير... (تَوَّابٌ) و (الْغَيُّ) وفعلٌ مضارع فيكون قد ذكر لك الاشتراك كونه واقعًا في الأسماء وكذلك في الأفعال ومنه الفعل المضارع ومثل عسعس يأتي بمعنى أقبل وأدبر، إذًا اختلف أهل العلم ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ هل هو الإدبار أم الإقبال؟ وهو يستعمل في اللغة لهذا وذاك، فصار مشتركًا. وكذلك الحروف كالباء مثلاً تكون للتبعيض وللسببية وللظرفية..


الصفحة التالية
Icon