المكلفون إذًا خُصَّ بالمكلفين ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] خص منه حالة الاضطرار وميتة السمك والجراد ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ حرم الربا ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] خُصَّ منه العرايا كما سيأتي هذا كلام من؟ كلام السيوطي رحمه الله تعالى قال: هذا النوع عزيز. قال الزركشي رحمه الله تعالى: إنه كثير في القرآن. العام الذي باقٍ على خصوصه إنه كثير في القرآن وأورد منه ﴿وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ التي ذكرها في النظم وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً﴾ [يونس: ٤٤]. عام ﴿لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً﴾ هنا العام من جهتين: من جهة إيقاع الظلم ﴿لاَ يَظْلِمُ﴾ يظلمُ فعل مضارع في صيغة النفي وإذا وقع فعل المضارع في صيغة النفي فيعم لأنه مصدر، والمصدر نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم، إذًا لا يقع أدنى ظلم من الرب جل وعلا ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ﴾ كل الناس أي فرد من أفراد الناس حتى الكافر لا يتوجه إليه ظلم من الرب جل وعلا، كذلك قوله: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩] عام باقٍ على عمومه، ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ عام، ﴿ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾ عام، ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عام، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ عام [الروم: ٤٠] كلها عام باقٍ على عمومها، ﴿الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ﴾ [غافر: ٦٧] هذا عام باقٍ على عمومه، ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾ [غافر: ٦٤] عام باقٍ على عمومه، فكيف يقال: وعز. وهذه الآيات ومثلها كثير كثِير في القرآن. قال السيوطي ردًّا على صاحب ((البرهان)) الزركشي: بل المراد أنها في الأحكام، وما ذكره الزركشي في ((البرهان)) لم يتعلق بالأحكام - وهذا هو الجمع بين كلام ابن تيمية وغيره بأن مراد ابن تيمية رحمه الله كما ذكره الزركشي هنا أن العمومات المحفوظة كثيرة جدًا هذا بإطلاق القرآن كله سواء كان في الأحكام أم في غيره بدليل أن شيخ الإسلام رحمه الله مثل بـ: ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ قال: هذا عام، ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] هذا عام ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ كل ما يقع في يوم الدين مالكه الرب جل وعلا، لا يخرج عنه فرد من أفراد ذلك اليوم، هذا يدل على ماذا؟ على أن مقصد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله العام الباقي على عمومه مطلقًا دون نظر إلى كونه تعلق به حكم شرعي تكليفي أم لا، وهذا لا إشكال فيه، فيقال: أكثر العمومات المتعلقة بالأحكام التكليفية مخصوصة لأنه ما من عام تعلق بحكم تكليفي إلا وتَخُصُّ منه المجنون والصبي والعبد على قول والنائم والساهي كل من ليس بمكلف فهو مخصوص ﴿أَقِيمُواْ الصَّلاةَ﴾ [الأنعام: ٧٢] نقول: ﴿أَقِيمُواْ الصَّلاةَ﴾ هذا مخصوص بماذا؟ بالمكلف، أخرج الصبي، أخرج المجنون لا يأمر بالصلاة... إلى آخره، إذًا كل عام متعلقه في الحكم الشرعي تكليفي فحينئذٍ يكون ماذا؟ يكون مخصوصًا السيوطي رحمه الله تعالى قال: قد ظفرت بآية عام في الأحكام لا خصوص فيه. ما هي؟ ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] قال: هذه الآية عامة وهي باقية على عمومها.