لأن المطلق - كما سيأتي - أنه مقيدٌ بواحدٍ في الخارج سواءٌ كان موضوعًا له وهو النكرة أو لازمًا له. لأنه هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ، وهذا على قول بأنه مفارق للنكرة، فحينئذٍ المطلق ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ أو أكرم رجلاً أو أكرم طالبًا نقول: هذا يستوعب ويتناول عدة أفراد، لكنه ليس دفعةً واحدة فليس إذا قيل أكرم طالبًا ليس كل الطلاب الآن دفعةً واحدة يدخلون في اللفظ وإنما يصدق على هذا فإن أكرم هو حينئذٍ سقط عن الباقين برئت الذمة، وإذا قيل أكرم رجالاً أو قيل أكرم طلابًا بدون ال حينئذٍ أُكرم ثلاثة فقط من الموجودين وسقط العهدة عن البقية، لكن كل ثلاثة على جهة البدل فهو داخلٌ تحت اللفظ.
لفظ يستغرق. إذًا أخرج المطلق، وبعضهم لا يجعله مخرجًا بالاستغراق بل بقوله: دفعة. ولذلك زدناها في الحدِّ - وهو أحسن - بحسب الوضع دفعةً، دفعة هو الذي أخرج المطلق ولكن هنا أخرج المطلق لم يخرج المطلق كما يقول بعضهم وإنما أخرج النكرة في سياق الإثبات.
الصالح جميع الأفراد، الصالح له يعني جميع الأفراد هذا فيه احتراز عن العام إذا لا يصلح ولا يصدق اللفظ العام إذا لا يصلح ولا يصدق على جميع الأفراد لأن لفظ العام قد يطلق ابتداءً فيراد به جميع الأفراد، فحينئذٍ إذا قيل أكرم الطلاب وقد نويت فقط جميع الأفراد، فحينئذٍ نقول هذا عامٌ لفظٌ يستغرق ويصلح لجميع الطلاب جميع الأفراد يدخلون تحت اللفظ فهو كالعلم عليهم يقع عليهم فردًا ولكن قد يُستعمل اللفظ ابتداءً وهو لفظٌ عام في أصله قد يُستعمل ابتداءً في بعض الأفراد وهذا المسمى العام الذي أريد به الخصوص كقوله تعالى ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ الناس هذا لفظ عام ولذلك جاء في قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧] وجاء ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١] هذا أمر بالتوحيد ﴿اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ كل الناس يشمل مؤمنهم وكافرهم لأن الكافر مخاطب فإذا جاء في قوله:... ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ فنقول ﴿الَّذِينَ﴾ هذا صيغة عموم ﴿قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ هذا صيغة عموم ﴿إِنَّ النَّاسَ﴾ هذه صيغة عموم، إذًا اجتمع عندنا ثلاثة صيغ ومن المحال أن يُحمل أو تحمل على هذه الألفاظ الثلاث على عمومها، لا يمكن أن يكون الناس قالوا للناس إن الناس الذين قال لهم الناس إذًا الناس كلهم لأن لفظ الناس يَطْبِقُ على كل الأفراد، إذًا هم الذين تكلموا كلهم تكلموا، تكلموا لمن للناس لكل الناس هذا لا يمكن، وإنما استعمل لفظ الناس أولاً في نُعيم بن مسعود رضي الله تعالى عنه صحابي أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه، نعيم بن مسعود فهو واحد حينئذٍ هنا اللفظ الناس نقول: هو في الأصل لفظٌ مُسْتَغْرِق لكنه في هذا التركيب هل يصلح لجميع الأفراد يصدق على كل الأفراد؟
الجواب: لا.
هل هو عام؟ نقول: لا. ليس بعام، لا بد من إخراجه، ولذلك اتفقوا على أنه مجاز،
والثاني اعز للمجاز جزما | وذاك للأصل وفرع يُنمى |