أما إن كان هناك مقيدان بقيدين مختلفين فإن كان القيدان متضادين متقابلان حينئذٍ ولم يكن أحدهما أقرب من الآخر لم يحمل المطلق على واحد منهما اتفاقًا يعني ننظر في هذين المقيدين قُيد بقيد وقيد في الموضع الثالث بقيد آخر ننظر فيهما إن كانا متضادين ولم يكن أحدهما أقرب إلى المطلق نقول: لم يحمل على واحد منهما اتفاقًا، مَثَّلُوا له بماذا؟ - فضائل رمضان - ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ﴾ من أيام متتابعات أم متفرقات مطلق أو مقيد؟ مطلق. جاء في كفارة اليمين مقيد ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩] قراءة ابن مسعود... (متتابعات) وجاء في صوم التمتع ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] جاء ماذا؟ مقيدًا بالتفريق، جاء في كفارة اليمين مقيدًا بالتتابع، وجاء في كفارة في صوم التمتع مقيدًا بالتفريق نحمله على ماذا؟
إذا قلنا: نحمله على كفارة حينئذٍ يجب على من عليه قضاء شهر رمضان أن يصومه متتابع فلو فرقه أَثِم، وإذا قلنا: نحمله على صوم التمتع حينئذٍ يجب عليه التفريق فلو تابعه أَثِم أليس كذلك؟ إذا قيدناه لأننا نقول: يجب. نقول ماذا؟ يجب، لكن نقول هنا: لا يمكن حمل النص المطلق على واحد منهما. لا يمكن حمل المطلق على واحد منهما بل يبقى على إطلاقه فلا يقيد لا بالمتابعة ولا يقيد بتفريق، ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ هذا مقيد بالتتابع، وقوله تعالى في صوم التمتع: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩]... الآية مقيدًا بالتفريق، فيبقى المطلق على إطلاقه لامتناع تقيده بهما لتنافيهما يعني: القيدين، وبواحد منهما لانتفاء مرجحه على الآخر حينئذٍ لا يجب في قضاء رمضان تتابع ولا تفريق، وهو معنى قول الناظم الذي سيأتي (حُكْمَهُ لا تَقْتَفِي).
أما إذا ورد على المطلق قيدان أو مقيدان متضادان ولكن يمكن ترجيح أحدهما على الآخر، فحينئذٍ يكون الراجح مُقَيِّدًا للمطلق يكون الراجح المعنى الذي هو أقرب إلى المطلق هو المقيد يعني يحمل المطلق على أرجح القيدين وأشبههما كقوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾. مع قوله: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾. في الظهار مع آية التمتع صوم التمتع قوله: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ... أَيَّامٍ﴾. في الكفارة لو لم ننظر إلى قراءة ابن مسعود ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾ نقول: هذا كفارة جاء مطلقًا في القرآن وجاء مقيدًا في الظهار ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ وجاء مفرقًا في صوم التمتع لو أردنا أن ننظر في القيدين التتابع أو التفريق أي النصين والمقيدين أقرب إلى قوله ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾؟
التتابع لأنه كفارة ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾ هذا كفارة، والظهار كفارة، والصوم التمتع نقول: هذا ليس بكفارة. إذًا أيهما أقرب إلى النص إلى المطلق التقييد بالتتابع.
(وَحَمْلُ مُطْلَقٍ على الضِدِّ) على المقيد (إِذا أَمْكَنَ) ذلك الحمل بوجود الجامع وانتفاء المانع وذلك في الثلاثة الصور السابقة فيما إذا اتحدا حكمًا... وسببًا، فيما إذا اتفقا حكمًا واختلفا سببًا، وفيما إذا اختلفا سببًا واتفقا حكمًا، بقي ماذا؟