قال في ((الإتقان)): المساواة لا تكاد توجد خصوصًا في القرآن. لأنه يَصْعُب أن يقال اللفظ والمعنى بمساواة واحدة هذا حكم عليه صعب جدًا، وحتى في القرآن، ولذلك ما من مثال يورد للمساواة إلا وُجِّهَ إليه نقد وتعقب قائله، ولذلك أسقطه السيوطي في ((الإتقان)) وعنون للإيجاز والإطناب وقال: المساواة لا يكاد أن توجد وخصوصًا في القرآن.
فالأول: المساواة.
والثاني: الإيجاز.
والثالث: الإطناب.
فخرج بقوله: وافٍ. الإخلال، ولفائدةٍ التطويل والحشو. هذا على مذهب السكاكي والقزويني تبعه لأن لخص المفتاح، وذهب ابن الأثير إلى أن الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد عنه والإطناب بلفظ زائد عنه. فتدخل حينئذٍ المساواة في الإيجاز لا في الإطناب. وتنتفي الواسطة. فعلى مذهب ابن الأثير لا واسطة بين الإيجاز والإطناب، وعلى طريقة السيوطي أثبتها ولكن مثالها عزيز، وهذا كالإجماع يعني: لا بأس أن يُذكر الشيء من حيث العقل لأنه يمكن أن يكون اللفظ لو نظرنا من جهة العقل الأصل فيه أن اللفظ يكون مطابقًا للمعنى مساويًا له أو أكثر أو أقل، لكن هل وُجِدَ لفظ مساوٍ لمعناه مطلقًا لا يزيد اللفظ عن المعنى ولا المعنى على اللفظ، هنا يحتاج إلى مثال والمثال عزيز. فيُثْبَتُ الشيء أصلاً ثم إن وُجِدَ له مثال لأنه قد يوجد في بليغ يأتي فيما بعد فيأتي بمثال كما يقال في الإجماع أهل الإجماع يقولون: لو حصل الإجماع في هذا الزمان حجة. لكن كيف يحصل الإجماع؟! عزيز صعب لا يمكن فعدم إمكانه لا يلزم منه نفي حجية الإجماع، بل هو باقٍ في كل عصر، والذي ينضبط هو إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبعضهم يقيده بأنه قبل الفتنة.
الإيجاز والإطناب والمساواة. الإيجاز عندهم نوعان قسمان:
إيجاز قصر.
وإيجاز حذف.
إيجاز قصر: هو تقليل اللفظ وتكثير المعنى بلا حذف تقليل ماذا؟ اللفظ الحروف والكلمات قليلة والمعنى كثير لكن بلا حذف، فإن كان بحذف فهو إيجاز الحذف [نعم أحسنت] إيجاز الحذف ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] حصل تقليل للفظ مع زيادة المعنى إيجاز لكنه بماذا؟ بحذفٍ حذف المضاف إليه، فإن لم يكن بحذف فهو إيجاز الحذف (١).
إذًا الإيجاز قسمان: إيجاز قصر. وهو تقليل اللفظ وتكثير المعنى بلا حذف.
إيجاز حذف هذا نحو: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾. أي: اسأل أهلها. والإطناب هو المساواة.
قال رحمه الله:
وَلَكُمُ الحَيَاةُ في القِصَاصِ قُلْ... مِثالُ الإيجَازِ ولا تَخْفَى المُثُلْ
لِمَا بَقِي كـ ﴿لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ﴾... ولكَ فيْ إِكْمَالِ هَذي أَجْرُ
نَحْوُ ﴿أَلَمْ أَقُل لَّكَ﴾ الإِطْنَابُ... وهيَ لَهَا لَدَى المَعَانِيْ بَابُ
(وهيَ لَهَا لَدَى المَعَانِيْ بَابُ) يعني: أحالتها إلى تفاصيل هذا الباب إلى فن البلاغة وخاصة باب أو فن المعاني، لأنها تذكر هناك بتوسع ولها أقسام الإطناب متى يكون والإيجاز.. إلى آخره، إيجاز الحذف هذا والقصر له أقسام متعددة ذكر السيوطي بعضها في ((الإتقان)) ومفصلة في شروحات التلخيص و... ((عقود الجمان)).
(وَلَكُمُ الحَيَاةُ) هنا ذكر المثال فقط لم يعرف الإيجاز ولا الإطناب ولا المساواة وإنما ذكر أمثلة لماذا؟