وعلى رأي ابن الجزري رحمه الله: هي يُقرأ بها لأنها قرآن ويحتج بها ولا إشكال في ذلك، (وإِلاَّ فَادْرِ) يعني وإلا بأن جرت مجرى التفاسير فادر قولين، لكن ما لم يعمل به ما لم يعارضه حديثٌ مرفوع لماذا؟
لأن الحديث المرفوع باتفاق أنه يعمل به لا إشكال في ذلك وهو منسوبٌ إلى النبي - ﷺ - قطعًا حينئذٍ مع ما اختُلف في كونه قرآنًا فحينئذٍ يحتمل أنه يرد ويكون من اجتهاد الصحابة، لكن نقول: هذا فيه بعد. كون ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يزيد كلمة إما أنها قرآن وإما أنها تفسير وبيان.
فصيام ثلاثة أيام متتابعات إن لم تُقبل إنها قرآن، لكونها آحاد ليست متواترة يتعين علينا أن نقبلها ماذا؟ تفسيرًا، وأولى ما يتعلق به المجتهد هو تفسير الصحابة رضي الله تعالى عنهم للقرآن فإن عارضهم فحينئذٍ المرفوع مقدم.
والثَّانِيُ الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ | تَتْبَعُها قِرَاءَةُ الصَّحابَةِ |
والثَّالِثُ الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ | مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ |
١ - متواترة، وهي قراءة السبعة.
٢ - وآحاد وهي قراءة الثلاثة.
٣ - والشاذة وهي ما عدا ذلك.
لا يجوز القراءة بغير المتواترة لأن من شرط إثباته كونه قرآنًا التواتر فما لم يتواتر ليس بقرآن، ثم الآحاد والشاذة هل يُعمل بها ويحتج بها أو لا؟ هي لا يقرأ بها قطعًا عندهم فإن قرأ بها في الصلاة فصلاته باطلة، لكن يبقى سؤال آخر هل يجوز أن يحتج بها في ما تضمنت من أحكام أو لا (فاقطعوا أيمانهما). ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] (فاقطعوا أيمانهما). أخذ جمهور الفقهاء بأن القطع يكون لليمين تبعًا لهذه القراءة فهل يحتج بها أو لا؟
هذا فيه قولان، على التفصيل السابق ما جرى مجرى التفسير وما لم يجر مجرى التفسير والأصح أنه إذا تضمنت حكمًا شرعيًا - إذا لم نرجح مذهب ابن الجزري - إذا تضمنت حكمًا شرعيًا فحينئذٍ لا إشكال في العمل بها، هذا هو الأصح.
ابن الجزري رحمه الله تعالى يرى أن اشتراط التواتر في كون الشيء قرآنًا أو لا ليس عليه دليلٌ صحيح لا يُعرف عن السلف ولا عن الخلف، بل ما صح إسناده ولو لم يكن متواترًا مع موافقة القواعد العربية ولو بوجهٍ ما والرسم العثماني ولو احتمالاً فهي قرآن يُقرأ به ويستنبط منه الأحكام، هذا محل النزاع في خلاصة ما ذكرناه البارحة.
ثم قال رحمه الله تعالى:
أرجو أن تكون المسألة واضحة.
الرابع قراءات النبي - ﷺ -.