لأن المعنى لا يتم إلا بمبتدأ وخبر وهنا ذكر المبتدأ ولم يذكر الخبر إذًا لا يفهم منه شيء. إذًا النوع الأول: الوقف على كلامٍ لا يُفهم منه معنًى لعدم تمام الكلام، ومتى يتم الكلام بذكر مسند والمسند إليه سواءً كان فعلاً أو اسمًا وقد تعلق ما بعده بما قبله إما لكونه خبرًا وإما لكون وصلاً مؤثرًا لا بد من ذكره وإما لكونه فاعلاً أو ناء فاعل أو خبرًا له إذا كانت اسم كان أو خبر كان أو نحو ذلك لفظًا ومعنى، إذا قيل توقف ما بعده على ما قبله إما ان يكون من جهة اللفظ وإما أن يكون من جهات المعنى، ما كان من جهة اللفظ المقصود به الإعراب فالمضاف مع المضاف إليه، وإما أن يكون من جهة المعنى بمعنى أنه لا يتم المعنى السابق إلا بذكر اللفظ الذي وقف عليه أو بذكر ما بعد اللفظ الذي وقف عليه، حينئذٍ لو قال: ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ [الفاتحة: ٢] فوقف ماذا نقول؟ حصل أو لا؟ حصل الوقف ولذلك سيأتي أنه حسن لكن لو أراد أن يكمل قالوا: يمنع لماذا؟ لأن ما بعده متعلقٌ بما قبله في اللفظ دون المعنى... ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] لماذا لأن رب هذا صفةٌ ولا يمكن أن تنفك الصفة ويبتدئ بها دون الموصوف هذا بمثال للفظ فقط وليس المراد به الوقف القبيح، كالوقف على ﴿الْحَمْدُ﴾ [الفاتحة: ٢] من ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ [الفاتحة: ٢]، ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ﴾ [الفاتحة: ٦، ٧] فوقف ﴿أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] ابتدأ نقول: هذا وقفٌ قبيح لأن ﴿الَّذِينَ﴾ [الفاتحة: ٧] هذا اسم موصول مبهم لا يفهم معناه إلا بتمام الصلة حينئذٍ إذا وقف على ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ﴾ [الفاتحة: ٧] فوقف نقول: هذا وقفٌ قبيح لكنه لا يفهم منه المعنى بتمامه لا لكونه يقع في محظور.
النوع الثاني: من الوقف القبيح ما يوهم الوقوع في المحظور ولذلك ذكرنا أن التعريف الأول قاصر وهذا ذكره المساوي في شرح النظم قال: القبيح هو ما يوهم الوقوع في محظور. ليس كل وقفٍ قبيح يوهم الوقوع في المحظور... ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ [الفاتحة: ٢] لو وقف ﴿الْحَمْدُ﴾ [الفاتحة: ٢] هل هو مثل ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ﴾ [المائدة: ٧٣] أو ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي﴾ [البقرة: ٢٦] ليس مثله، الأول لم يتم معناه والثاني تم معنى ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي﴾ [البقرة: ٢٦] تم المعنى لكنه فاسد فأوهم الوقوع في محظورٍ في ممنوع، هذا هو النوع الثاني فالوقف على قوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ﴾ والابتداء بقولهم: ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧]. والوقف هذا وقف نحرمه أو نكرهه؟
بالقصد، أما هو من حيث هو لا يُحكم عليه من جهة الشرع، لا بد من دليل ولو قيل بعض القراء قال: هذا حرام أو هذا كذا. نقول: أت بالدليل لا تحريم إلا بصيغة نهي أليس كذلك؟


الصفحة التالية
Icon