قال رحمه الله تعالى: (العِقْدُ الثالثُ) هذا العقد الثالث من العقود الستة (قَدْ حَوَتْهَا سِتَّةٌ عُقُودُ) إذًا جمع الخمس والخمسين في عقودٌ ستة سبق أن انتهينا من عقدين وهذا هو العقد الثالث، (العِقْدُ) بكسر العين وهي القلادة كما سبق مرارًا. (الثالثُ: مَا يَرْجِعُ إِلَى الأَدَاءِ وَهِيَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ) (مَا يَرْجِعُ) يعني أنواعه تَرْجِعُ أو يَرْجِعُ (إِلَى الأَدَاءِ) والمراد بالأداء هنا كيفية تعدية الألفاظ يعني ما تتعلق بالقرآن من جهة الأداء لأن القرآن ألفاظ وأداء، يعني كيف تؤدي وكيف تقرأ هذا القرآن، يتعلق به بعض أنواع علوم القرآن كالتجويد والابتداء والوقف والإمالة وتخفيف الهمزة والإدغام هذا كله يتعلق بجوهر اللفظ أم بكيفية أداء اللفظ؟ بالثاني، ولذلك عنون له بهذا الباب القائم وهو (مَا يَرْجِعُ إِلَى الأَدَاءِ وَهِيَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ): من جهة التقريب وإلا بعضهم زاد على الستة أنواع، وهي الضمير بالتثنية بالتأنيث مراعاة بمعنى ما لأن ما تصدق على أنواع وهي جمع، أنواع يرجع بالتذكير مراعاة للفظ ما ويصح ما ترجع إلى الأداء وهو ستة وهي ستة يجوز الوجهان على ما ذكرناه في العقد السابق، (النَّوْعُ الأَوَّلُ وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الوَقْفُ وَالِابتِدَاءُ) جمع بين الوقف والابتداء لأنهم متقابلان لأن الوقف ضد الابتداء والابتداء ضد الوقف، وهذا الذي هو الوقف والابتداء عِلْمَان ونوعان من أهم ما يُعنى به في باب الأداء لأنه كما ذكر كثير أنه يتعلق به المعنى من جهة تفسير وفهم المعنى المراد من كلام الرب جل وعلا، ولذلك قيل هذان نوعان مهمان وقد صنف فيه أئمة الدين مصنفات شتى فأفردوه بالتصنيف يعني صنفوا في هذا الفن الابتداء والوقف مصنفات مستقلة خارجة عن الكتب التي جمعت علوم القرآن في كتابٍ واحد لماذا؟
لطول البحث ولأهمية هذا النوع أفردوه بالتصنيف، وهو علمٌ جليل قد أفرده غير واحدٍ من أهل العلم وطبع كثير منها الآن، فأفرده بالتصنيف أبو جعفر النحاس وأبو جعفر النحاس هذا لغوي نحوي لماذا؟ لأن كثير من مباحث الوقف والابتداء يتعلق بالمعنى والغالب في هذا مرجعه إلى اللغة، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، والزجاجي، والداني، وثعلب، هؤلاء كلهم وغيرهم أفردوه بالتصنيف فأفردوا الابتداء والوقف بمصنفٍ خاص شمل أحكامه وما فيه من أمثلة.
وقيل أول من صنف فيه محمد بن الحسن الرؤاسي ابن أخي معاذ الهراء ومعاذ الهراء هو الذي نُسب إليه أول ما وضع فن الصرف أو التصريف والصواب أنه أبو الأسود الدؤلي وليس معاذ الهراء وإنما نُسب إليه لأنه أول من تكلم في التصريف الذي هو باب التمارين فأكثر منه حتى نُسب إليه أنه أول من دون فن الصرف.


الصفحة التالية
Icon