صرف الآية عن ظاهرها، وتأويلها على غير حقيقتها، والوقوع في التكرار الممنوع الذي يجعل المعطوف عليه بمعنى المعطوف فيكون معنى لفظ الجلالة "الله" بمعنى لفظ "الرسول" وبمعنى لفظ "المؤمنين"، وهذا غير مراد قطعاً.
والأمثلة التي ذكرها القائلون بالمجاز ليس فيها مجاز على القول الراجح وإنما هي أساليب بلاغية، تكلم بها العرب وأرادوا بها الحقيقة، وأما آيات الصفات فهي حق، تمر على ظاهرها، وتجرى على حقيقتها، نوردها كما جاءت، ونثبتها كما وردت ولا نقع فيه تأويلا أو تعطيلا بدعوى المجاز، فهذا خلاف منهج السلف أهل السنة والجماعة والله تعالى أعلم. اهـ كلام د. عبدالرحمن السديس باختصار.
الأساليب العربية
الأسلوب العربي هو: الطريقة (١) التي يسلكها العرب للتعبير عن أفكارهم، أو عواطفهم.
وقد بيَّن العلامة الشنقيطي (٢) - رحمه الله - أهمية هذه الأساليب العربية في الرد على القائلين بالمجاز النافين لصفات الله - عز وجل -، وبيَّن أيضاً أنها حقائق تكلم بها العرب، وأنه لا يجوز نفيها، وإليك جملاً من أقواله يتضح بها المقام، والله المستعان.
قال العلامة الشنقيطي: [كل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو - عند من يقول بنفي المجاز - أسلوب من أساليب اللغة العربية.
فمن أساليبها إطلاق الأسد مثلاً على الحيوان المفترس المعروف، وأنه ينصرف إليه عند الإطلاق، وعدم التقييد بما يدل على أن المراد غيره.
ومن أساليبها إطلاقه على الرجل الشجاع إذا اقترن بما يدل على ذلك. ولا مانع من كون أحد الإطلاقين لا يحتاج إلى قيد، والثاني يحتاج إليه؛ لأن بعض الأساليب يتضح فيها المقصود فلا يحتاج إلى قيد، وبعضها لا يتعين المراد فيه إلا

(١) - قال الفيومي في المصباح المنير مادة (س ل ب): [(الأُسْلُوبُ) بضم الهمزة الطريق والفن وهو على (أُسْلُوبٍ) من (أَسَالِيبِ) القوم أي على طريق من طرقهم].
(٢) - وانظر أيضاً ما سبق من كلام د. عبدالرحمن السديس.


الصفحة التالية
Icon