مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ}، والباء في قوله فأخرج به سببية كما ترى. وكقوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السموات وَالاٌّرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ﴾. وقوله تعالى في سورة ق: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ﴾... ] (١).
وفي الختام أنقل هذه العبارة للعلامة الألوسي - رحمه الله - للاستدلال بها على صحة كلام الشنقيطي - رحمه الله - في الأساليب، قال الألوسي في روح المعاني (١/ ٣٠٢): [الويل: واد في جهنم يهوى به الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره، وفي بعض الروايات: إنه جبل فيها، وإطلاقه على ذلك إما: حقيقة شرعية، وإما مجاز لغوي، من إطلاق لفظ الحال على المحل، ولا يمكن أن يكون حقيقة لغوية؛ لأن العرب تكلمت به في نظمها، ونثرها قبل أن يجيء القرآن، ولم تطلقه على ذلك]. فيستفاد من مفهوم المخالفة في هذه العبارة أن العرب إن تكلمت بها على المعنى المراد، فتكون حقيقة لغوية. وهذا هو نفس مقصود العلامة الشنقيطي بالأساليب العربية، فتراه يبين بهذه الأساليب أن ما يدعون فيه المجاز إنما هو أسلوب تكلمت به العرب، فيكون حقيقة، وليس مجازاً (٢).
وبعد فقد لاح لك أيها القارئ الكريم أهمية جمع هذه الأساليب، والإطلاقات العربية، مع ذكر شواهدها من القرآن، واللغة، حتى يتضح لك الجواب عما زعموا أنه من المجاز قاصدين من وراء ذلك نفي الصفات، وهو في الحقيقة حقيقة في محله، وأسلوب عربي، تكلمت به العرب.
وهذا أوان الشروع في المقصود، فالله المستعان، وعليه البلاغ، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي.
عفا الله - تعالى - عنه
(٢) - وليس الغرض هنا مناقشة المثال الذي ذكره - رحمه الله - وإنما الغرض التنبيه على موطن الشاهد من كلامه.