بجر «كلهم» على ما حكاه الفراء، لمجاورة المخفوض، مع أنه توكيد «ذوي» المنصوب بالمفعولية.
ومن أمثلته في القرآن العظيم في العطف كالآية التي نحن بصددها قوله تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾، على قراءة حمزة، والكسائي.
ورواية المفضل عن عاصم بالجر لمجاورته لأكواب وأباريق، إلى قوله: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ مع أن قوله: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ حكمه الرفع: فقيل، إنه معطوف على فاعل «يطوف» الذي هو ﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾.
وقيل: هو مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف دل المقام عليه.
أي: وفيها حور عين، أو لهم حور عين. وإذن فهو من العطف بحسب المعنى.
وقد أنشد سيبويه للعطف على المعنى قول الشماخ، أو ذي الرمة:
بادت وغير آيهن مع البلا......... إلا رواكد جمرهن هباء
ومشجَّج أما سواء قذاله......... فبدا وغيب ساره المعزاء
لأن الرواية بنصب «رواكد» على الاستثناء، ورفع مشجج عطفاً عليه، لأن المعنى لم يبق منها إلا رواكد ومشجج، ومراده بالرواكد أثافي القدر، وبالمشجج وتد الخباء، وبه تعلم أن وجه الخفض في قراءة حمزة، والكسائي هو المجاورة للمخفوض، كما ذكرنا خلافاً لمن قال في قراءة الجر: إن العطف على أكواب، أي يطاف عليهم بأكواب، وبحور عين، ولمن قال: إنه معطوف على جنات النعيم، أي هم في جنات النعيم، وفي حورٍ على تقدير حذف مضاف أي في معاشرة حور.
ولا يخفى ما في هذين الوجهين، لأن الأول يرد، بأن الحور العين لا يطاف بهن مع الشراب، لقوله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ﴾.
والثاني فيه أن كونهم في جنات النعيم، وفي حور ظاهر السقوط كما ترى، وتقدير ما لا دليل عليه لا وجه له.
وأجيب عن الأول بجوابين، الأول: أن العطف فيه بحسب المعنى، لأن المعنى: يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور. قاله الزجاج وغيره.
الجواب الثاني: أن الحور قسمان: حور مقصورات في الخيام،: وحور