لأن قوله: «ألقت يداً في كافر» أي دخلت في الظلام. ومنه أيضاً قول طرفة في معلقته:
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي...... ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
فقوله: «أفديك منها» أي الفلاة، ولم يجر لها ذكر، ولكن قرينة سياق الكلام تدل عليها] (١).
٣٥ - تطلق المفاعلة بمعنى الفعل المجرد.
[وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة - أي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم﴾ -: ﴿يُؤَاخِذُ﴾ الظاهر أن المفاعلة فيه بمعنى الفعل المجرد. فمعنى آخذ الناس يؤاخذهم: أخذهم بذنوبهم؛ لأن المفاعلة تقتضي الطرفين. ومجيئها بمعنى المجرد مسموع نحو: سافر وعافى. وقوله «يؤاخذ» إن قلنا إن المضارع فيه بمعنى الماضي فلا إشكال. وإن قلنا: إنه بمعنى الاستقبال فهو على إيلاء لو المستقبل وهو قليل. كقوله: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ﴾، وقول قيس بن الملوح:...
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا......... ومن دون رمسينا من الأرض سيسب
لظل صدى صوتي وإن كنت رمة | لصوت صدى ليلى يهش ويطرب |
لو حرف شرط في مضي ويقل......... إيلاؤها مستقبلاً لكن قبل]. (٢)
٣٦ - يطلق المصدر ويراد الاسم (٣).
[قوله تعالى: ﴿وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالاٌّعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا
(٢) - (٣/ ٢٦٦) (النحل/٦١).
(٣) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع إحلال صيغة محل أخرى، قالوا: ومنه أيضاً: إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل، أو اسم المفعول، كقوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ (الشعراء: ٧٧)، أي: معادون، وقوله: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ (البقرة: ٢٥٥)، أي: من معلومه، وانظر الإتقان (٣/ ١١٦).