﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ﴾ ندخلهم ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ أي أحرقت ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ وذلك لأن أشد العذاب والإيلام يكون عن طريق سطح الجلد؛ فإذا ما احترق الجلد: فتر الألم، وقل العذاب. أما وقد قضى ربك بتعذيبهم، والتشديد عليهم، وعدم النظر إليهم، وطردهم من رحمته وحرمانهم من عطفه لذا فإنه تعالى قدر أن تبدل جلودهم كلما نضجت ﴿لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ الذي كفروا به، وكذبوا بحدوثه
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ب الله تعالى، وملائكته وكتبه ورسله، وبعثه وجنته وناره ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ التي أمرهم الله تعالى بها وحضهم عليها؛ وماتوا على ذلك ﴿لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ﴾ مما يستقذر عادة؛ كالحيض والنفاس والأنجاس ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً﴾ أي دائماً لا تنسخه شمس
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ هي في ولاة الأمور؛ وتأدية الأمانة إلى أهلها: أن تضع ثقتك في محلها؛ فلا يحكمك إلا من هو أهل للحكم، ولا يليك إلا من هو أهل للولاية؛ فلا تلعب بك الأهواء، فتجعل ثقتك في غير موضعها؛ وتخون الأمانة التي وضعها الله تعالى في عنقك. والأمانات: كل ما ائتمنت عليه من مال، أو عهد، أو عقد، أو سر، أو شبه ذلك
﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي نعم الشيء الذي يعظكم به؛ وهو تأدية الأمانات إلى أهلها، والحكم بين الناس بالعدل
﴿أَطِيعُواْ اللَّهَ﴾ أي أوامره ونواهيه الواردة في القرآن ﴿وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ﴾ أي ما جاء عنه من القول السديد، والفعل الحميد ﴿وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ في هذه الآية دليل على أن أولي الأمر الواجبة طاعتهم على الأمة: يجب أن يكونوا منها - حساً ومعنى، ولحماً ودماً - ﴿وَأُوْلِي الأَمْرِ﴾ هم الولاة والسلاطين؛ ما داموا قائمين بأمر الله تعالى؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ﴾ أي إذا اختلفتم فيما بينكم وبين أنفسكم في أمر من الأمور أو إذا تنازعتم أنتم وأولوا الأمر ﴿فَرُدُّوهُ﴾ ارجعوا في حكم هذا النزاع ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ إلى ما جاء في كتابه المستبين ﴿وَالرَّسُولِ﴾ وإلى الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه حال حياته، وإلى سنته وهديه من بعده ﴿ذلِكَ﴾ الرجوع إلى الله ورسوله فيما شجر بينكم من خلاف ﴿خَيْرٍ﴾ من رد النزاع إلى النهور والتعصب الأعمى ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ مآلاً وعاقبة
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ من القرآن؛ وهم بعض من آمن من اليهود ﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ من التوراة
-[١٠٣]- والإنجيل. أو المراد بـ: ﴿الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ﴾: بعض المؤمنين أو المنافقين ﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ بعض اليهود ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ﴾ وهو كل رأس في الضلال؛ من ساحر وكاهن ونحوهما ﴿وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ﴾ أي أمروا بالتحاكم إلى الله ورسوله. قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾