﴿وَهَذَا كِتَابٌ﴾ القرآن ﴿أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ كثير المنافع والفوائد ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ما تقدمه من الكتب ﴿وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ مكة شرفها الله تعالى، وزادها فضلاً وسميت «أم القرى» لأن الناس يؤمونها، وهي قبلة أهل القرى، وأعظمها شأناً ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ كل الدنيا ومن فيها من العقلاء؛ وذلك لأن ما حول مكة: هي الجهات الأربع التي يتكون منها كل الأرض ومن عليها ﴿وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ المحافظة على الصلاة: ملازمتها في أوقاتها
﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ﴾ الكافرون ﴿فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ أهواله وسكراته ﴿وَالْمَلائِكَةُ﴾ الموكلون بقبض أرواحهم ﴿بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ﴾ بالتعذيب؛ ويقولون لهم ﴿أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمُ﴾ أرواحكم، أي خلصوها من عذابنا إن أمكنكم، أو هو كناية عن صعوبة خروج أرواح الكافرين؛ وقد ورد أن أرواح الكافرين تنزع انتزاعاً شديداً، وتسل من جسومهم، كما يسل الحرير من الشوك؛ أما روح المؤمن فتنشط للخروج فرحاً بلقاء ربها أو يقال لهم هذا القول يوم القيامة: ﴿أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمُ﴾ من النار إن استطعتم؛ يدل عليه ما بعده ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾ الهوان
﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾ منفردين بلا مال ولا معين ﴿وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ﴾ ملكناكم في الدنيا: من الأموال والنعم.
-[١٦٥]- ﴿وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ﴾ آلهتكم؛ وقد كنتم تقولون عنها: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ ﴿الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ﴾ أي في استحقاق عبادتكم ﴿شُرَكَآءَ﴾ لله ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ أي تشتت جمعكم ﴿وَضَلَّ﴾ غاب ﴿عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ في الدنيا من شفاعتها لكم


الصفحة التالية
Icon