﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الْجِنَّ﴾ أي وجعلوا الجن شركاءلله في العبادة؛ وقد يراد بالجن: الشياطين. وذلك باتباعهم فيما يوحون به إليهم، ويوسوسون ﴿وَخَلَقَهُمْ﴾ أي وقد خلقهم ﴿وَخَرَقُواْ لَهُ﴾ أي اختلقوا ﴿بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ منهم بحقيقة ما يقولون. واختلاقهم البنين والبنات: قولهم: الملائكة بناتالله. وقول النصارى: عيسى ابن الله، وقول اليهود: عزير ابن الله ﴿سُبْحَانَهُ﴾ تنزه وتقدس ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة الإسراء)} مبدعهما
﴿إِنِّي﴾ كيف ﴿يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ﴾ زوجة
﴿ذلِكُمْ﴾ الموصوف بهذه الصفات ﴿اللَّهُ رَبُّكُمُ﴾ الذي خلقكم
﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ أي لا تراه الأبصار، ولا تحيط به ﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ أي يرى أصحاب الأبصار، ويحيط بسائر المرئيات ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ﴾ بعباده ﴿الْخَبِيرُ﴾ بدقائق الأمور
﴿قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ﴾ جمع بصيرة؛ وهي نور القلب. أي جاءكم من الوحي والآيات؛ ما هو للقلوب بمنزلة البصائر ﴿فَمَنْ أَبْصَرَ﴾ آمن وانقى ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ لأن ثواب إيمانه وتقواه عائد إليها ﴿وَمَنْ عَمِيَ﴾ كفر ﴿فَعَلَيْهَا﴾ لأن إثم كفره عائد عليها أيضاً
﴿وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ﴾ أي قرأت الكتب السابقة ونقلت عنها ما تتلوه علينا اليوم. يقولون هذا وهم يعلمون أنه عليه الصلاة والسَّلام أمي لا يقرأ ولا يكتب
﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً﴾
﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ﴾ أي لو أراد تعالى أن يلزمهم بالإيمان ويجبرهم على الطاعة لفعل؛ ولكنه تعالى أراد أن يجعلهم أحراراً مستقلين في اختيار ما يشاءون حتى يكونوا مسؤولين عن عملهم، مؤاخذين على جرمهم


الصفحة التالية
Icon