﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ﴾ اليهود ﴿حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ وهو كل ما لم يكن منفرج الأصابع من البهائم والطير: كالإبل، والأوز والبط، وأشباهها ﴿وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ﴾ ظاهر الآية يدل على أن التحريم تناول سائر شحومهما ﴿إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا﴾ من الشحم ﴿أَوِ الْحَوَايَآ﴾ الأمعاء؛ أي ما حملته الأمعاء من الشحم ﴿أَوْ مَا اخْتَلَطَ﴾ من الشحم ﴿بِعَظْمٍ﴾ فجميع ذلك مباح. وقيل: إنما حرم الله تعالى الثروب خاصة؛ وهي الشحم الرقيق يكون على الكرش والأمعاء ﴿ذلِكَ﴾ التحريم ﴿جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ﴾ أي بسبب بغيهم وكفرهم
﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾ لا حد لها، تسع كل شيء ﴿وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ﴾ عذابه؛ رغم رحمته الواسعة ﴿عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ فإن من تمام رحمته تعالى الانتصاف من المجرمين، والانتقام من الظالمين للمظلومين
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ﴾
أشرك فهو راض عن هذا الشرك؛ ولو لم يرضه ﴿مَآ أَشْرَكْنَا﴾ وهي حجة الكافرين والمعاندين في سائر العصور: ﴿لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا﴾ ﴿لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ ﴿لَوْ شَآءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ ﴿أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾ يحاجون بذلك ربهم؛ وحجته تعالى قائمة عليهم؛ وله تعالى الحجة البالغة: ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ﴿كَذلِكَ﴾ أي مثل ذلك التكذيب ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ وقالوا مثل قولهم ﴿حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا﴾ عذابنا ﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ﴾ بأن الله تعالى راضٍ عن
-[١٧٦]- شرككم وشرك آبائكم؟ ﴿وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ﴾ تكذبون


الصفحة التالية
Icon