﴿وَأَنَّ هَذَا﴾ الذي أمرتكم به، وعاهدتكم عليه؛ من عدم الإشراك بي، وبالإحسان إلى الوالدين، وبالنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر، وعن قربان الفواحش ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ وعن قتل النفس ﴿إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ وعن قربان مال اليتيم ﴿إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ وبالوفاء بالكيل والميزان، وبالعدل في الحكم والشهادة؛ فجميع ذلك ﴿صِرَاطِي﴾ أي طريقي ﴿مُّسْتَقِيماً﴾ واضحاً، موصلاً إلى خيري الدنيا والآخرة ﴿فَاتَّبَعُوهُ﴾ لتؤجروا ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ﴾ الطرق المختلفة، والأهواء المتباينة، والديانات المتعددة ﴿فَتَفَرَّقَ﴾ فتتفرق وتميل ﴿بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ عن طريقه تعالى الذي وصفه بالاستقامة، وبالتالي يكون غيره مائلاً عن الحق معوجاً قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾
﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ التوراة ﴿تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ أي تماماً للنعمة على الذي أحسن الطاعة، وتجنب المعصية ﴿وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ يحتاجون إليه
﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ هو القرآن: كبير النفع، كثير الخير، عظيم البركة
﴿أَن تَقُولُواْ﴾ أي لئلا تقولوا إذا لم ننزل عليكم القرآن ﴿إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا﴾ هما اليهود والنصارى؛ وقد نزل عليهما أشهر كتابين - بعد القرآن - نزلا من عندالله: التوراة والإنجيل
﴿وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ﴾ أي عن دراسة هذه الأمم لكتابيها ﴿لَغَافِلِينَ﴾ لأنهما لم ينزلا بلساننا، ولا بلغتنا، ولم نؤمر باتباعهما. فأنزل الله القرآن قطعاً لهذه الحجة؛ ومنها يعلم أن الله تعالى لا يؤاخذ من لم يصلهم كتاب، ولم ينذرهم رسول؛ قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾
﴿أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ﴾ الذي أنزل عليهم ﴿لَكُنَّآ أَهْدَى مِنْهُمْ﴾ أي لكنا أشد استقامة، واتباعاً لما في الكتاب، وأطوعلله من الطائفتين اللتين أنزل عليهما الكتاب من قبلنا؛ قال تعالى رداً على هذه الحجة المفترضة ﴿فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ كتاب عربي بلسانكم، مبين لما تحتاجون إليه ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ لمن عمل به واتبعه ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أي لا أحد أظلم ﴿مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ بعد إذ جاءته ﴿وَصَدَفَ﴾ أعرض وصد ﴿عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ
-[١٧٨]- آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ﴾
أسوأه


الصفحة التالية
Icon