﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ ما ينتظرون ﴿إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾ أي ملائكة الموت لقبض أرواحهم ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ يوم القيامة للحساب والجزاء ﴿أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ علامات الساعة؛ كطلوع الشمس من مغربها؛ وحينئذٍ ﴿لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ﴾ أي من قبل حضور الموت، وظهور علامات القيامة ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ وهو الإخلاص في الإيمان
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ﴾ وهم اليهود والنصارى ﴿وَكَانُواْ شِيَعاً﴾ فرقاً متباينة ﴿لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ أي لست مسؤولاً عما فعلوا. وقيل: عنى بالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً: أهل البدع والضلال من هذه الأمة؛ الذين اتبعوا ما تشابه من القرآن، وأولوه طبقاً لأهوائهم ﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ﴾ أي عاقبة أمرهم ﴿إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ فيجازيهم عليه ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾
﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ المراد بالعشر: الكثرة دون العدد؛ فقد يبلغ الجزاء ما لا يحصره حد، ولا يحصيه عد واقرأ إن شئت قول المنان الوهاب، المعطي من يشاء بغير حساب: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (انظر آية ٢٦١ من سورة البقرة)
﴿صِرَاطِ﴾ طريق ﴿دِيناً قِيَماً﴾ مستقيماً لا عوج فيه؛ و ﴿قَيِّماً﴾ قيماً؛ وبه قرأ سائر القراء عدا الكوفيين وابن عامر ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾ مسلماً ﴿وَمَا كَانَ﴾ إبراهيم ﴿مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
بل كان أول الهادمين للشرك، المستدلين على الوحدانية بالعقل والمنطق والتدبر (انظر الآيات ٧٦ وما بعدها من هذه السورة)
﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي﴾ عباداتي
﴿وَبِذلِكَ أُمِرْتُ﴾ من ربي ومن عقلي الذي وهبنيه وأكرمني به
﴿وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ إثماً ﴿إِلاَّ عَلَيْهَا﴾ أي لا يقع وبال إثمها إلا عليها ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ الوزر: الإثم، والحمل الثقيل؛ أي لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ﴾ جمع خليفة ﴿الأَرْضِ﴾ أي أهلك من سبقكم، واستخلفكم مكانهم ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ في العلم والجاه والمال والسطوة ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ليختبركم ﴿فِي مَآ آتَاكُمْ﴾ فيما أعطاكم من نعمه؛ وليعلم - علم ظهور - من أطاعه فيما آتاه، وأحسن فيما وهبه ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ﴾ لمن عصاه وخالفه؛ فليبادر من ابتلى بالعصيان والحرمان إلى الرجوع إلى ربه، والمآب إلى خالقه ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ﴾ لمن تاب وأناب ﴿رَّحِيمٌ﴾ به؛ فلا يؤاخذه بما سلف من أمره؛ تفضلاً منه تعالى ورحمة بخليقته


الصفحة التالية
Icon