﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا﴾ عذابنا وانتقامنا ﴿بَيَاتاً﴾ ليلاً
﴿ضُحًى﴾ نهاراً
﴿أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ﴾ مكره بهم: أخذه إياهم من حيث لا يشعرون
﴿أَوَلَمْ يَهْدِ﴾ أولم يتبين ﴿أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ أهلكناهم بسببها ﴿وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ نغطي عليها ﴿فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ النصح؛ وذلك عقوبة لهم على انصرافهم عن آيات ربهم؛ وعدم اعتبارهم بما امتحنهم به من تعذيب، وما منحه لهم من نعيم
﴿تِلْكَ الْقُرَى﴾ التي ذكرناها، وذكرنا أنباءها، ومن أرسل إليها؛ والمقصود بالقرى: أصحابها وساكنيها؛ وهم قوم نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا﴾ أخبارها ما نثبت به فؤادك؛ وليتعظ بذلك قومك، وليعلموا أنهم إن بقوا على كفرهم؛ فسيكون حالهم مثل حالهم ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ ﴿وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الظاهرات ﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ﴾ بالرسل ولا بالمعجزات ﴿بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ﴾ أي بما كذب به آباؤهم وأسلافهم، أو ﴿بِمَا كَذَّبُواْ﴾ به ﴿مِن قَبْلُ﴾ إتيان الرسل إليهم؛ أي إنهم ظلوا بكفرهم متمسكين، وعلى تكذيبهم ثابتين. وقيل: ﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ﴾ إذ ردوا بعد الموت ﴿بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ﴾ قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ﴾ ﴿كَذلِكَ﴾ مثل ذلك الطبع الذي طبعه الله تعالى على قلوب الكافرين والمكذبين ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ يختم ويغطي ﴿عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ لأنهم كفروا ابتداء، وأصروا على الكفر انتهاء، وأصموا آذانهم عن الاستماع إلى النصح، وأغلقوا قلوبهم بأقفال من الغفلة والعناد فحق عليهم غضب ربهم، وتخليه عن هدايتهم ولا يخفى أن كفرهم سابق على تغطية الله تعالى قلوبهم؛ وأن طبع الحكم العدل على قلوبهم؛ كان عقوبة على عنادهم وتمسكهم بكفرهم
﴿وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ﴾ أي ليس لهم وفاء ولا أمانة
﴿فَظَلَمُواْ بِهَا﴾ فكفروا بها.


الصفحة التالية
Icon