﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ﴾ كل ما طاف وغلب؛ من مطر، أو مرض، ونحوهما: فهو طوفان. ومنه قوله تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ﴾ وورد: أنه الموت المتتابع الذريع؛ ولعله الطاعون. وقيل: هو طوفان من الماء؛ أحاط بهم، ودخل منازلهم، وعلا حتى وصل إلى حلوقهم سبعة أيام ﴿وَالْجَرَادَ﴾ سلطه الله تعالى عليهم؛ فلم يدع لهم طعاماً يأكلونه ﴿وَالْقُمَّلَ﴾ وهو السوس الذي يأكل الحنطة فلا يدع إلا قشرها؛ أفنى الجراد ما زرع ليؤكل، وأباد السوس ما أعد للأكل، وقيل: «القمل» صغار الجراد؛ الذي لا أجنحة له، أو هو قمل الرأس المعروف ﴿وَالضَّفَادِعَ﴾ امتلأت الدنيا بها من حولهم؛ حتى إن الرجل ليفتح فمه ليتكلم؛ فتثب واحدة منه فتدخل في فيه ﴿وَالدَّمَ﴾ قيل: صارت مياههم دماً.
وقيل: هو الرعاف. وقد أرسل الله تعالى عليهم هذه الآفات ﴿آيَاتُ﴾ عظات ﴿مّفَصَّلاَتٍ﴾ ظاهرات؛ لا يخفى على عاقل أنها من عند الله. أو ﴿مّفَصَّلاَتٍ﴾ بمعنى متفرقات ﴿فَاسْتَكْبَرُواْ﴾ عن الإيمان، ولم يجيبوا داعي الرحمن
﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾ العذاب المذكور. وقيل: هو عذاب آخر عذبوا به بعد إذ لم يؤمنوا بما مر من الآيات؛ وهو الطاعون ﴿قَالُواْ يمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ أي بما اختصك به من إجابة الدعاء، وقبول الرجاء؛ و ﴿لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ﴾ تذهب بهم حيث تشاء
﴿فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ﴾ وهو انتهاء أعمارهم بالغرق ﴿إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ ينقضون وعدهم وتوبتهم


الصفحة التالية
Icon