﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ﴾ عبدوا ﴿الْعِجْلَ﴾ وهم اليهود ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا﴾ غير ما أعد لهم في الآخرة من عذاب أليم مقيم
﴿وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ﴾ أي سكن؛ وبه قرأ معاوية بن قرة. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن موسى عليه السلام كان من أشد الناس غضباً، وأنه من شدة غضبه صك ملك الموت ففقأ عينه، وهي فرية إسرائيلية؛ نعوذ ب الله من الوقوع فيها ﴿أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا﴾ أي فيما نسخ فيها وكتب ﴿هُدًى﴾ من الله ﴿وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ يخافون بطشه وعقابه
﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ أي من قومه ﴿لِّمِيقَاتِنَا﴾ أي للوقت الذي ضربناه له للإتيان بهم ليعتذروا عن عبادة العجل، ويستغفروا مما جنت أيديهم ﴿فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ الزلزلة الشديدة؛ وذلك لأنهم لم يفارقوا قومهم - حين عبدوا العجل - ولم ينهروهم على عبادته؛ وهم غير الذين سألوا الرؤية، وأخذتهم الصاعقة ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ﴾ محنتك وابتلاؤك؛ حين كلمتني وسمعوا كلامك، فطمعوا في رؤيتك. أخذها موسى عليه السلام من قوله تعالى: ﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ وقد فتنهم الله تعالى بعد أن ضلوا وأضلوا، وزاغوا وأزاغوا ﴿فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾
﴿إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ﴾ أي تبنا ورجعنا ﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ﴾ قرأ الحسن: «من أساء» من الإساءة ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ انظر كيف قيد الرحمة التي وسعت كل شيء بتقوى الله، وإيتاء الزكاة فاعلم أيها المؤمن أن أمامك طريقين؛ أيهما سلكت جوزيت من جنس عملك: فإما أن تشح بمالك وتضحي برحمة الرحيم الرحمن؛ الذي يطمع في رحمته كل إنسان، وإما أن تؤدي ما فرضه الله تعالى عليك من الزكاة؛ فتسعك رحمته، وتشملك مغفرته (انظر آية ١٤صلى الله عليه وسلّم من سورة الأنعام)
﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾ جاء في إنجيل برنابا - على لسان عيسى عليه السلام - ما نصه: «إن كلامكم لا يعزيني؛ لأنه يأتي ظلام حيث ترجون النور، ولكن تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب، وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره؛ لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم، وإن مما يعزيني أن لا نهاية لدينه؛ لأن الله سيحفظه صحيحاً حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا ألله أرسل لنا رسولك، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم» إصحاح ٩٧ ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾ وهو ما كانوا يحرمونه على أنفسهم - في الجاهلية - من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾ كلحم الخنزير والميتة
-[٢٠٢]- والدم، وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله تعالى ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ أي يضع عنهم القيود والتشديد الذي كان على بني إسرائيل؛ بسبب أعمال عملوها، وذنوب ارتكبوها ﴿فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ﴾ أي بمحمد عليه الصلاة والسلام ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ عظموه ﴿وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾ وهو القرآن العظيم؛ وأكرم به من نور
رب إن الهدى هداك وآيا
تك نور تهدي بها من تشاء
نور القلوب، وشفاء الصدور، وكلام الحكيم العليم، العزيز الرحيم ﴿فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ﴾ الذي لا يقرأ ولا يكتب؛ وأتى بما أعجز البلغاء، وأخرس الفصحاء وقد أرسله الله تعالى أميّاً؛ ليكون ذلك أذهب للريبة، وأبعد للشبهة؛ أرسله أمياً وهو أعلم العلماء، وأحكم الحكماء
كفاك بالعلم في الأمي معجزة
في الجاهلية، والتأديب في اليتم


الصفحة التالية
Icon