﴿سَآءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ أي بئس المثل مثلهم ﴿وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ﴾ بالتكذيب، وتعريضها للعقاب الدنيوي، والعذاب الأخروي
﴿مَن يَهْدِ اللَّهُ﴾ إلى دينه ﴿فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾ لأن الهداية جاءته تفضلاً من لدن العزيز الكريم ﴿وَمَن يُضْلِلِ﴾ يتركه بغير هداية ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ وقد أضلهم الله تعالى بعد أن ضلوا وأضلوا قال تعالى:
﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ﴾
﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا﴾ خلقنا ﴿لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ﴾ خلقناهم ليؤمنوا بي وبرسلي؛ فكفروا بي وكذبوا رسلي. ومهدنا لهم سبيل الهدى؛ فاتبعوا الهوى، وأبنا لهم طريق الرشد؛ فأبوا إلا طريق الغي ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ﴾ كسائر قلوب الناس؛ خلقناها لهم ليفقهوا بها؛ ولكنهم وضعوا عليها أكنة وأقفالاً تمنعها من الفهم؛ فأضحوا ﴿لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ﴾ خلقناها لهم للإبصار والاستبصار، وللتفرقة بين النافع والضار، وللنظر إلى دلائل قدرته تعالى بعين الاعتبار؛ لكنهم وضعوا عليها غشاوة فعموا عن رؤية الحق، وأصبحوا ﴿لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ﴾ خلقناها لهم للاستماع إلى النصح والرشد؛ لكنهم صموا عن سماع الهدى؛ فأمسوا ﴿لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ﴾ فحق عليهم وصف ربهم ﴿أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ سبيلاً من الأنعام، و ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ عما ينجيهم
﴿وَللَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى﴾ سميت أسماؤه تعالى بالحسنى: لأنها حسنة اللفظ والمعنى، حسنة في القلب والسمع؛ كيف لا وهي تدل على اللطف والجود، والكرم، والرحمة، والرأفة، والود، والهداية ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾ أي تقربوا إليه تعالى بها؛ واطلبوا منه ما تشاءون بأسمائه الكريمة: فيطلب الإنسان بكل اسم ما يليق به؛ كأن يقول: يا رحيم ارحمني، يا معز أعزني، يا غفار اغفر لي، يا رزاق ارزقني، يا قهار اقهر من ظلمني، يا تواب تب علي، يا هادي اهدني، وهكذا.
وهذه الأسماء: صفات لذاته تعالى؛ إذ أن اسمه العظيم الأعظم هو «الله» وعلى ذلك كبار القوم؛
-[٢٠٧]- ألا ترى إلى قوله جل شأنه «ولله» وهو المسمى «الأسماء» أي التسميات التي يتسمى بها، أو الصفات التي يتصف بها (انظر آية ١١٠ من سورة الإسراء) ﴿وَذَرُواْ﴾ اتركوا ﴿الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾ أي يميلون فيها، ويتركون القصد؛ كما فعل المشركون في تسمية أوثانهم: فاشتقوا اللات من «الله» والعزى من «العزيز»


الصفحة التالية
Icon