﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ وقد أجاب الله دعوة إبراهيم عليه السلام؛ فحملت الثمار من سائر الأقطار إلى الحرم؛ قبل أن يتذوقها زارعوها وحاملوها؛ وقد تجد بين أيديهم فاكهة الصيف في الشتاء؛ وفاكهة الشتاء في الصيف؛ وقد رأيت بعيني رأسي أرقى ثمار العالم تحمل إليه بالطائرات عبر البحار والمحيطات، فعجبت - حيث لا عجب - لماذا يحمل كل ذلك لهذه البلدة الخاوية إلا من الدين، الخالية إلا من المؤمنين؟ فتذكرت دعوة إبراهيم، فتبارك السميع العليم ﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ فقد كان دعاؤه عليه السلام قاصراً على من آمن منهم فحسب؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ﴾ أي وسأرزق أيضاً من كفر ﴿فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً﴾ في الدنيا ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ﴾ ألجئه
﴿الْقَوَاعِدَ﴾ الأسس والجدر ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ﴾ أي قالا: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ﴾ ما نفعل في سبيلك؛ من بناء بيتك، وإعلاء دينك لقولنا ودعائنا ﴿الْعَلِيمُ﴾ بإخلاصنا وصدق نياتنا
﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ﴾ مخلصين ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ عرفنا عباداتنا ﴿وَتُبْ عَلَيْنَآ﴾ أي اقبل توبتنا، ورجوعنا إليك، وإنابتنا لك وإذا كان هذا حال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام؛ وهما من كبار الأنبياء، وخيرة الأصفياء؛ فكيف بنا معشر العصاة الطغاة - وقد ارتكبنا ما ارتكبنا، وأتينا ما أتينا - فلم نتدبر المآب، ولم نفكر في المتاب؛ كأنما أخذنا عند الله عهداً بعدم العذاب، أو كأن ما فعلناه لا يستوجب العقاب
﴿وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ﴾ أي من ذرية إبراهيم عليه السلام؛ وهو خاتم الأنبياء محمد عليه الصَّلاة والسَّلام. قال: «أنا دعوة أبي إبراهيم» ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ يطهرهم من الشرك، ومن دنس المعصية
﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ رغب عن الشيء:
-[٢٤]- لم يرده؛ ضد رغب فيه إذا أراده ﴿إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ حملها على السفه، أو أهلكها ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ﴾ اخترناه.