﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ﴾
بإنزال المطر؛ المنبت للحب والثمر؛ وإن شاء تعالى منعه ﴿وَالأَرْضِ﴾ بإخراج النبات والأقوات؛ وإن شاء تعالى أجدبها؛ فمتم عند ذاك جوعاً وعطشاً ﴿أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ﴾ يملك خلقها، وإن شاء أصمها ﴿والأَبْصَارَ﴾ أنارها، وإن شاء أعماها ﴿وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ المسلم من الكافر، والكافر من المسلم، والإنسان من النطفة، والنطفة من الإنسان ﴿وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾ في السماء والأرض؛ فينزل الماء، ويخرج النبات، وينشر الأقوات؛ ويهب لمن شاء البنين ولمن شاء البنات؛ بتدبير منظم حكيم ﴿ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾
﴿فَأَنَّى﴾ فكيف ﴿تُصْرَفُونَ﴾ عن الإيمان؛ وهذه دلائله وبراهينه
﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ﴾ وجبت ﴿كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ عذابه ﴿عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ﴾ كفروا وتمردوا، وتجاوزوا الحد. وهي قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾
﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ﴾ الذين تعبدونهم ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ فكيف تصرفون عن عبادته؛ مع قيام هذه الأدلة؟
﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ﴾ أي الأصنام التي تعبدونها ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ وهو الله جل شأنه ﴿أَحَقُّ﴾ وأجدر ﴿أَن يُتَّبَعَ﴾ ويعبد ويطاع ﴿أَمَّن لاَّ يَهِدِّي﴾ يهتدي ﴿إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾ أي لا يهتدي إلى مكانه إلا إن هداه غيره إليه. والمعنى: أفمن يهدي الناس إلى الحق ويهديهم إلى ما يصلحهم، ويهديهم إلى ما فيه خيرهم - وهو الله تعالى - أحق بالعبادة والاتباع أمن لا يستطيع هداية نفسه إلى مكانه - وهم الأصنام - إلا أن يحمله حامل؛ فيضعه حيث شاء؛ لا حيث تريد الأصنام؛ التي لا إرادة لها
﴿فَمَا لَكُمْ﴾ ما الذي أصابكم، وماذا دهاكم وأتلف عقولكم؟ ﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ هذا الحكم الفاسد؛ الذي لا يسنده عقل ولا منطق
﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ﴾ أي أكثر الكفار ﴿إِلاَّ ظَنّاً﴾ حيث قلدوا آباءهم في عبادة الأصنام؛ ولم يحكموا عقولهم


الصفحة التالية
Icon