﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ﴾ لتستريحوا ﴿فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً﴾ مضيئاً؛ تبصرون فيه
﴿قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾ وهو أحد صمد؛ لم يلد ولم يولد ومن عجب أن هؤلاء الحمقى الجهال، ينسبون للعلي المتعال؛ ما ينزهون عنه رهبانهم؛ إذ أنهم لا يتزوجون ولا يلدون
﴿سُبْحَانَهُ﴾ تنزه وتقدس أن يكون له ولد وكيف يكون له ولد؛ و ﴿هُوَ الْغَنِيُّ﴾ عن الولد، والوالد، والصاحبة؛ لأن الإنسان يحتاج للصاحبة: لتؤنسه وتخدمه. وللوالد: ليكلأه ويرعاه. وللولد: ليعينه ويستكثر به. والله تعالى ليس في حاجة إلى مؤنس، أو كالىء، أو مدبر، أو راع، أو معين. إذ هو وحده مؤنس الكائنات، وكالؤهم، ومدبر مصالحهم، وراعيهم، ومعينهم ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ ملكاً وخلقاً وعبيداً ﴿إِنْ عِندَكُمْ﴾ ما عندكم ﴿مِّن سُلْطَانٍ﴾ حجة ﴿بِهَذَآ﴾ الذي تقولونه
﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ﴾ يختلقون ﴿عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ بنسبة الولد إليه
﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا﴾ أي ليس لهم إلا تمتع قليل في الدنيا ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ فنحاسبهم حساباً عسيراً على ما عملوا في دنياهم
﴿يقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ﴾ عظم وثقل ﴿عَلَيْكُمْ مَّقَامِي﴾ إقامتي بينكم شق عليكم وعظي لكم
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ﴾ وحده ﴿تَوَكَّلْتُ﴾ أي اعتمدت عليه، واستعنت به. وليس أدل على صدق الإيمان، ومزيد الإيقان؛ من التوكل على الله تعالى. وقد قال نوح لقومه ما في نفسه ليشعرهم أنه - وقد استعان ب الله تعالى - لا يعبأ بكيدهم ولا بجمعهم، ولا يخشى من قوتهم وكثرة عددهم لذلك جابههم بقوله ﴿فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ﴾ اعزموا على أمر تفعلونه بي، وكيد تكيدونه لي ﴿وَشُرَكَآءَكُمْ﴾ أي وادعوا شركاءكم لنصرتكم ﴿ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ﴾ الذي تعزمون عليه ﴿عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ أي لا يكن مستوراً عليكم، بل واضحاً، تتمكنون منه، وتقدرون عليه؛ من غم الهلال: إذا استتر واحتجب. أو ﴿لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ أي لا تكن نتيجة أمركم غماً عليكم ﴿ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ﴾
امضوا فيما أردتموه من النيل مني ﴿وَلاَ تُنظِرُونَ﴾ لا تمهلوني فانظر - يا هداك الله - إلى هذه القوة التي وهبها الله تعالى لنبيه نوح، والشجاعة التي بثها في روحه وما كان ذلك إلا وليد اعتماده على ربه سبحانه وتعالى وتوكله عليه (انظر آية ٨١ من سورة النساء)
﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ أعرضتم عن الإيمان الذي دعوتكم إليه، والتذكير الذي وعظتكم به ﴿فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ﴾ على ذلك


الصفحة التالية
Icon