﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ﴾ المؤمنين والكافرين: فمثل الكافر ﴿كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ﴾ لأنه لا يستفيد بما يرى، ولا بما يسمع ﴿وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ وهو مثل المؤمن؛ لأنه رأى بديع صنع الله تعالى وملكوته؛ فأقر بوحدانيته. وسمع آياته؛ فآمن به ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً﴾ وكيف يستوي الضدان؟ وقد اهتدى المؤمن بهدى الله، وآمن برسله وكتبه، وعمل بأمره، وانتهى بنهيه كيف يستوي هذا ومن تعامى عن الحق، وركب رأسه، واتبع هواه، وأكب على دنياه ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً﴾ ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ أفلا تتذكرون بهذه الأمثلة ما يجب اتباعه وما لا يجب؟ وتعلمون الحق فتتبعونه
﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ في الدنيا؛ أو أريد به يوم القيامة؛ أو هما معاً
﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا﴾ أي أسافلنا؛ وغاب عنهم أنهم هم الأسافل ولكن لا يعلمون. وقد يقصد بالأراذل: الفقراء - رغم أنهم أحباء الله تعالى وأسباب جنته - فبإكرامهم تستمطر الرحمات، وبالإحسان إليهم تجتلب البركات وبارضائهم يرضى الغني على عباده؛ فيهبهم رحمته، ويدخلهم جنته
هذا والغنى من أهم أسباب البعد عن الله: إذا لم يكن مقروناً بالشكر والإنفاق؛ والفقر من أسباب القرب إلى الله: إذا كان مقروناً بالرضا والصبر؛ فإذا انعدما: كان الفقير مبعداً من الله تعالى؛ وبذلك يكون خاسراً لدنياه وآخرته و ﴿ذلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ جعلنا الله تعالى من الشاكرين في النعماء، الصابرين في الضراء ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ أي اتبعوك ابتداء من غير روية ولا تفكر ﴿وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ﴾ فتستحقون به أن نتبعكم
﴿قَالَ﴾ نوح ﴿يقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ﴾ حجة واضحة ﴿مَنِ﴾ هداية ونبوة خفيت ﴿عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾ أي أنجبركم على قبولها واتباعها قسراً
﴿وَيقَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي على التبليغ ﴿وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ لفقرهم ﴿إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبِّهِمْ﴾ فآخذ لهم ممن ظلمهم وطردهم.


الصفحة التالية
Icon