﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أي ولكلَ قبلة يتجه إليها. أو لكل فريق طريقه هو متبعها ﴿فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾ أي حيث إن الله تعالى قادر على الإتيان بكم جميعاً، ومحاسبتكم عما ضيعتموه، ومعاقبتكم على ما اقترفتموه؛ فسابقوا إلى الخيرات والحسنات؛ ليحل الثواب مكان العقاب، والرحمة مكان النقمة، والنعيم مكان الجحيم
﴿شَطْرَهُ﴾ جهته ﴿لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ﴾ اليهود والنصارى والمشركين ﴿حُجَّةٌ﴾ يجادلونكم بها؛ وذلك لأن اليهود تعلم أن النبي المنعوت في التوراة تكون قبلته الكعبة لا بيت المقدس ﴿إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ من أهل الكتاب؛ الذين قالوا: ما تحول إلى الكعبة إلا رغبة في دين قومه؛ ويوشك أن يرجع إلى ملتهم
﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾ يطهركم من الكفر والمعاصي ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ أي يعلمكم ما لا سبيل إلى علمه ومعرفته؛ إلا بالوحي الإلهي الدال على نبوته عليه الصلاة والسلام بالطاعة
﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ بثوابها، وبالتوفيق إلى أمثالها ﴿وَاشْكُرُواْ لِي﴾ ما أنعمت به عليكم.
والشكر قسمان: قسم بالأقوال، وقسم بالأفعال. والقول إن لم يصحبه فعل يدل على صدقه؛ فلا فائدة منه، ولا طائل وراءه. ورب شاكر باللسان ورب العزة عليه غضبان أما إذا صاحب القول الفعل؛ فقد ازداد الشاكر سعة ونعمة، ومن الله حباً وقرباً وشكر المال: إنفاقه في سبيل الله تعالى وابتغاء مرضاته، وإخراج زكاته. وشكر البصر: غضه عن المحارم. وشكر السمع: ألا يسمع به غيبة أو لغواً. وشكر القوة: نصرة المظلوم، والكف عن الأذى، وبذلها في الجهاد والدفاع عن الدين والوطن


الصفحة التالية
Icon