﴿وَيقَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي على التبليغ والإنذار ﴿أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي﴾ خلقني
﴿وَيقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ يؤخذ من هذه الآية؛ أن كثر الاستغفار: تزيد في الرزق، وتعين على الباه؛ بدليل قوله تعالى في هذه الآية ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ وقوله جل شأنه: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ هذا غير الأجر الأخروي المستدل عليه بقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾ وأقسم أنه ما اعتراني هم أو ضيق؛ ولجأت إلى الاستغفار: إلا وجدت من شدتي فرجاً، ومن ضيقي مخرجاً ﴿يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾ برهان ومعجزة تدل على صدقك
﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ أي أصابك بمكروه؛ فاختلط عقلك. فتحداهم هود عليه السلام، وتحدى آلهتهم ﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ﴾ الإله الحق ﴿وَاشْهَدُواْ﴾ أنتم أيضاً ﴿أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ مع الله في العبادة؛ من آلهة لا تضر ولا تنفع
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً﴾ أنتم وآلهتكم التي تزعمون أنها مستني بسوء ﴿ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ﴾ لا تمهلوني.
انظر بربك كيف جابه هود بمفرده جمعهم، وكيف استهان بكثرة عددهم وعدتهم وكيف سفه آلهتهم؛ وما ذاك إلا لشدة إيمانه بربه، ويقينه بنصرته، وعظم ثقته بمرسله تعالى وهي وحدها - لو تأملوها بعين الاعتبار - من أعظم البراهين الدالة على صدق رسالته عليه الصلاة والسلام ولو كان مبطلاً: لمالأهم وداهنهم، وخطب ودهم؛ كما يفعل الدجالون المشعوذون
﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ فهو وحده القادر على حفظي وكلاءتي (انظر آية ٨١ من سورة النساء) ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ﴾ وهي كل ما يدب على وجه الأرض من إنسان وحيوان وطير ﴿إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ﴾ أي مالك أمرها، وقاهرها؛ فلا تتحرك إلا بإرادته، ولا نفع ولا ضر يقع منها أو عليها إلا بمشيئته وخص الناصية بالذكر: لأن من أخذ بناصيته: يكون في غاية الذلة، ونهاية الاستكانة؛ ولذا كانوا يجزون ناصية المذنب إمعاناً في إذلاله وتحقيره والناصية: شعر مقدم الرأس ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ يقضي بين عباده بالحق؛ فيثيب المحسن على إحسانه، ويجازي العاصي على عصيانه
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ تعرضوا عن الإيمان.
-[٢٧١]- ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ رقيب


الصفحة التالية
Icon