﴿أَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ أغفر لهم ﴿يُنْظَرُونَ﴾ يمهلون ويؤجلون
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ﴾ وما فيها من كواكب وأنجم، وأفلاك وأملاك في خلق ﴿الأرْضِ﴾ وما فيها من مخلوقات ونباتات، وأشجار وأنهار في ﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي﴾ بالذهاب والمجيء، والزيادة والنقصان في ﴿الْفُلْكِ﴾ السفن ﴿الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ﴾ بأمر الله تعالى ونعمته ﴿بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ﴾ من التجارات، والانتقال بواسطتها من بلد إلى آخر ﴿وَمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ بعد جدبها ﴿وَبَثَّ﴾ فرق ونشر ﴿فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ وهي كل ما يدب على وجه الأرض؛ من إنسان وحيوان ونحوهما في ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ تقليبها جنوباً وشمالاً، باردة وحارة؛ بما ينفع الناس والمخلوقات، والزرع والضرع في ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ﴾ بأمر الله تعالى وقدرته ﴿بَيْنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ﴾ إن في جميع ذلك ﴿لآيَاتٍ﴾ دلالات واضحات على وحدانية القادر الحكيم ﴿لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يتدبرون هذه الآيات، ويفهمون هذه الدلالات
﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ أي ممن لا يعقلون، ولا يفهمون، ولا يتدبرون ﴿مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ غيره ﴿أَندَاداً﴾ شركاء وأمثالاً ﴿وَلَوْ يَرَى﴾ ولو يعلم ﴿الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أنفسهم بالكفر واتخاذ الأنداد ﴿إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾ يوم القيامة؛ وقد كانوا يكذبون به في الدنيا ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ﴾ والقدرة والبطش ﴿للَّهِ جَمِيعاً﴾ له وحده؛ لا للأنداد التي كانوا يعبدونها
﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ
-[٣٠]- اتُّبِعُواْ﴾
أي تبرأ الأنداد التي كانوا يعبدونها، والكهان والرهبان الذين كانوا يطيعونهم، والسادة والرؤساء الذين كانوا يتبعونهم، وكل من دعا إلى عبادة غير الله تعالى؛ يتبرأ هؤلاء جميعاً ﴿مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ﴾ أي الذين اتبعوهم على الكفر؛ وهم فقراء الكفار والمشركين وأراذلهم. يقول السادة والرؤساء يومئذٍ: لا نعرفهم، ولم نقل لهم: اعبدونا أو اتبعونا ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ أي أسباب المودة؛ من قرابة وصداقة ولم يبق لهم نصراء


الصفحة التالية
Icon