﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا﴾ هلا ﴿أُنزِلَ عَلَيْهِ﴾ أي على محمد ﴿آيَةٌ﴾ معجزة ﴿مِّن رَّبِّهِ﴾ كما أنزل على من سبقه من الأنبياء؛ كعصا موسى، وناقة صالح، وأشباههما؛ وتناسوا آية الرسول العظمى، ومعجزته الكبرى: القرآن الكريم الموحى إليه به بأمر ربه، والمحفوظ أبد الدهر بعنايته وقدرته
دامت لدينا ففاقت كل معجزة
من النبيين إذ جاءت ولم تدم
﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ﴾ إضلاله؛ لتمسكه بالكفر، وإصراره على الظلم ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ من رجع إليه بقلبه. فالإنابة سابقة للهداية؛ فكانت الهداية أجراً لها، كما أن الظلم سابق للإضلال؛ فكان الإضلال عقوبة عليه
﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ بطاعته ومرضاته ﴿تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ تهدأ وترتاح إلى ثوابه
﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ الطوبى: الخير والحسنى وقيل: إنه اسم للجنة بالهندية ﴿وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ حسن مرجع
﴿وَقَدْ خَلَتْ﴾ قد مضت ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ﴾ إن ما تكفرون به ﴿هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في أموري كلها (انظر آية ٨١ من سورة النساء)
﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ أي لو صح أن قرآناً يسير الجبال ويصدع الأرض، وتسمعه الموتى لكان هو هذا القرآن، لكونه غاية في الإنذار، ونهاية في التذكير ﴿بَل للَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً﴾ يدخل من يشاء في رحمته، وينعم على من يشاء بجنته، ويصطفي من يشاء لرسالته ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ يعلم؛ وهي لغة قوم من النخع ﴿أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾ بطريق الإلهام أو الإلزام، والقسر والجبر؛ ولكنه تعالى تركهم لاختيارهم واختبارهم ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ﴿وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ﴾ أي بسبب كفرهم ﴿قَارِعَةٌ﴾ داهية تفجؤهم، وسميت «قارعة» لأنها تقرع القلب بأهوالها؛ ولذا سميت القيامة بالقارعة ﴿أَوْ تَحُلُّ﴾ الداهية ﴿قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ﴾ فيفزعون منها، ويتطاير عليهم شررها، ويلحقهم شرورها؛ فلا يتعظون بها
-[٣٠٢]- ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ موتهم، أو القيامة؛ فتحل حينئذ بالكافرين قارعة القوارع، وداهية الدواهي