﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ هي كلمة التوحيد، أو هي كل كلمة طيبة يقولها الإنسان لأخيه الإنسان؛ فتهدىء من روعه، وتزيد في حبه قال تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ فهذه الكلمة الطيبة ينميها الله تعالى ويعلي أجرها وجزاءها ﴿كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ﴾ أي طيبة الظل والثمر. قيل: هي النخلة. والمقصود بها: كل شجرة وارفة الظلال، مفعمة الثمار
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ أي تجود بثمرها لآكله في كل وقت. وهو مثل للكلمة الطيبة وما تنتجه من طيب الأثر، ويانع الثمر
﴿وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ هي كلمة الكفر، أو كل كلمة رديئة بذيئة؛ تترك أثراً سيئاً في النفوس، وضغناً كامناً في القلوب ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ منظرها كريه، وطعمها رديء. قيل: هي الحنظل. وقصد بها كل شجرة سيئة المنظر والمخبر ﴿اجْتُثَّتْ﴾ استؤصلت ﴿مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾ ثبات
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ كلمة التوحيد ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ بأن ينطقه الله تعالى بها عند موته، وعند سؤاله في القبر ﴿وَفِي الآخِرَةِ﴾ بأن يشهد بها وقت الحساب، فينجو من العقاب ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ الكافرين؛ فالكفر سابق على الإضلال ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ﴾ وإنما يضلهم بعد إصرارهم على الكفران وتمرغهم في أوحال العصيان، ورفضهم الحجج والدلالات، والآيات البينات قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللَّهُ﴾
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً﴾ أي كفروا بالنعمة ولم يشكروا عليها، فقد خلقهم تعالى ليؤمنوا به، فأنكروا وجوده، وأصحهم ليطيعوه: فعبدوا غيره، وأفاض عليهم من نعمائه ليشكروه فكفروا به وبذلك بدلوا أنعمه تعالى عليهم كفراً به وقيل: المراد بالنعمة في هذه الآية: الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وأكرم به من نعمة ما أعظمها وأجلها يؤيد ذلك قوله تعالى:
﴿وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ
-[٣٠٩]- دَارَ الْبَوَارِ﴾
لأن قومهم لما رأوا كفرهم بالنبي وتكذيبهم له اتبعوهم على ذلك. و «دار البوار» دار الهلاك


الصفحة التالية
Icon