﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ لا يغمضون أعينهم: لشدة ما يرون من الهول ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ﴾ قلوبهم ﴿هَوَآءٌ﴾ خالية من التفكير لكثرة فزعهم
﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ كفروا ﴿رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ﴾ أي ردنا إلى الدنيا وأمهلنا ﴿إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ﴾ التي دعوتنا إليها، فلم نستجب لها ﴿وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ الذين أرسلتهم لنا فكذبناهم؛ فتقول لهم ملائكة الرحمن ﴿أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ﴾ أي حلفتم أنكم إذا متم لا تزالون عن تلك الحالة، ولا تنتقلون إلى دار أخرى، وحياة أخرى. وذلك كقوله تعالى ﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ﴾ (انظر مبحث التعطيل بآخر الكتاب)
﴿وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ﴾ أي هو عالم بما يخفونه من الشر، وما يضمرونه من السوء والأذى للمؤمنين؛ فيجازيهم عليه ﴿وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ أي وإن كان مكرهم شديداً عظيماً؛ تبلغ قوته أن تزول منه الجبال؛ فإن الله تعالى قادر على إبطاله ومحوه، مقابلته بمكر هو أشد وأقوى منه
﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ وقيل: «وإن» بمعنى ما؛ أي وما كان مكرهم لضعفه وهوانه ﴿لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ وقرأ أبي وابن مسعود وغيرهما «وإن كاد» ومعنى هذه القراءة: لقد عظم مكرهم حتى كادت الجبال أن تزول منه
﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ ما وعدهم به من النصر، ونزول العذاب بالمكذبين ﴿أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ قوي، غالب ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ ممن عاداه
﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ﴾ أي مسلسلين في الأغلال؛ وقد قرنت أيديهم إلى أرجلهم، أو قرن كل مجرم مع نظيره وشبيهه في الكفر والإجرام؛ كما يفعل بمجرمي أهل الدنيا
﴿سَرَابِيلُهُم﴾ ملابسهم ﴿وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ﴾ تعلوها وتغطيها
﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ﴾ ما عملت في الدنيا ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ يحاسب الخلائق جميعاً في أسرع من لمح البصر
﴿هَذَا﴾ القرآن ﴿بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ﴾ أي أنزل لتبليغهم أوامر ربهم وموجدهم، وإنذارهم بغضبه على من يخالفه، وعقابه لمن يكفر به ﴿وَلِيَذَّكَّرَ﴾ ليتذكر به ﴿أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾ ذووا العقول.


الصفحة التالية
Icon