﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ﴾ ندخله؛ أي القرآن، لا الكفران كما ذهب إليه أكثر المفسرين (انظر آية ٢٠٠ من سورة الشعراء) الكافرين
﴿لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ﴾ مضت ﴿سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ أي سنة الله تعالى فيهم، وعادته معهم؛ من تعذيبهم بتكذيبهم، واستئصالهم بطغيانهم
﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ﴾ يرونه بأعينهم ﴿فَظَلُّواْ فِيهِ﴾ أي في هذا الباب ﴿يَعْرُجُونَ﴾ يصعدون
﴿لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ﴾ حيرت، أو حبست ﴿أَبْصَارُنَا﴾ عن الإبصار
﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً﴾ هي منازل الكواكب السيارة؛ وهي اثنا عشر: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. والكواكب السيارة سبعة: المريخ: وله من البروج الحمل والعقرب. والزهرة: ولها الثور والميزان. وعطارد: وله الجوزاء والسنبلة. والقمر: وله السرطان. والشمس: ولها الأسد. والمشتري: وله القوس والحوت. وزحل: وله الجدي والدلو
﴿وَحَفِظْنَاهَا﴾ أي حفظنا السموات ﴿مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴾ مرجوم، أو ملعون
﴿إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ من هؤلاء الشياطين ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ﴾ شعلة من نار؛ تحرق كل ما تمسه كالصاعقة
﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ جبالاً ثوابت ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾ بميزان الحكمة: كتناسب العناصر في الخضر والفاكهة وغيرهما؛ مما يحير العقول، ويدهش الأفكار أو «موزون» بميزان التقدير؛ فلا يزيد على حاجة الخلق ولا ينقص ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ أو ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ أي في الجبال ﴿مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾
مما يوزن من المعادن: كالذهب والفضة، والنحاس، والرصاص، وما شاكل ذلك
﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ أي أسباب العيش: من المطعومات والمشروبات ﴿وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ أي وجعلنا لكم من العيال، والمماليك، والأنعام؛ من لستم له برازقين؛ لأننا نخلق طعامهم وشرابهم لا أنتم
﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ﴾ وما من شيء قلَّ أو جلَّ، دق أو رق ﴿إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ﴾ التي ننفق منها ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ﴾ للخلق ﴿إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ حسب حاجتهم إليه، وحسب مشيئتنا وإرادتنا بالتوسعة على البعض، والتضييق على الآخرين. وقد يوسع الله تعالى على العاصين، ويضيق على المتقين؛ لحكمة يعلمها، وغرض يريد إمضاءه: ابتلاء لبعض خلقه، وإملاء لآخرين «وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال»
﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ أي حوامل بالسحاب؛ لأنها تحمله في جوفها، ولأن الرياح تلقح النبات والأشجار؛ فتنقل من ذكرها لأنثاها «فتبارك الله أحسن الخالقين»


الصفحة التالية
Icon