﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ﴾ خافوه، واخشوا عقابه ﴿وَلاَ تُخْزُونِ﴾ الخزي: الذل والهوان
﴿قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ أي عن الاختلاط بالناس، وتسميم أفكارهم بما تزعمه من الرسالة، وما تدعو إليه من الإيمان بإلهك؟
﴿قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي﴾ أي بنات أمته؛ لأن كل نبي يعتبر أباً لقومه؛ وإلا فليس بجائز أن تزوج بنات أصلح الصالحين، لأفسق الفاسقين ﴿لَعَمْرُكَ﴾ أي وحقك ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي في ضلالهم يتخبطون. لقد تجلى الإله على مصطفاه، وأقسم الجليل بالخليل، وشرف الكريم عبده العظيم، وأفاض المنعم على نبيه الأكرم؛ فأظهر للملإ قدره، وأعلا في الآفاق شأنه؛ وحلف بحياته عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما خلق الله، وما ذرأ، وما برأ، نفساً أكرم عليه تعالى من محمدصلى الله عليه وسلّم، وما سمعت أن الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره، قال الله تعالى ذكره:
﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ الصيحة: العذاب. وقيل: صاح بهم جبريل عليه السلام حين بدأ بتعذيبهم. والصيحة: مقدمة لكل عذاب ﴿مُشْرِقِينَ﴾
وقت شروق الشمس
﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ قيل: حمل جبريل عليه السلام قريتهم إلى أن قاربوا الأفلاك، وسمعوا تسبيح الأملاك؛ وجعل عاليها سافلها؛ بأمر ربه المنتقم الجبار أعاذنا الله تعالى من غضبه بمنه، وعافانا من عذابه بكرمه ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ السجيل، والسجين: المكتوب في السجل، أي وأمطرنا عليهم حجارة مكتوب عليهم أن يعذبوا بها؛ قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ أي مكتوب. وقيل: سجيل وسجين: اسم وادٍ في جهنم؛ أي وأمطرنا عليهم حجارة من جهنم: إذا لم يصبهم جرمها؛ أحرقتهم حرارتها
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ العذاب الذي أنزلناه بقوم لوط، وبغيرهم من المكذبين ﴿لآيَاتٍ﴾ لعبر وعظات ﴿لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ للمتأملين، والمتفكرين
﴿وَإِنَّهَا﴾ أي قرى قوم لوط، وما فيها من آثار تعذيبهم واستئصالهم ﴿لَبِسَبِيلٍ﴾ طريق ﴿مُّقِيمٍ﴾ باق لم يندرس؛ وهي مدينة سدوم، أو سذوم. وقيل: عاموراء؛ وهما قريتان من قرى قوم لوط
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الإبقاء على هذه القرى إلى الآن، على حالها البادي للعيان ﴿لآيَةً﴾ عبرة وعظة ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ الصادقين في الإيمان
﴿وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾ الأيكة: الغيضة؛ وهي مجتمع الشجر. قيل: إنهم قوم شعيب عليه السلام ﴿لَظَالِمِينَ﴾ لكافرين
﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ أهلكناهم؛ لما كذبوا شعيباً ﴿وَإِنَّهُمَا﴾ أي قرى قوم لوط، والأيكة ﴿لَبِإِمَامٍ﴾ طريق واضح؛ لمن يريد أن يراهما ويتعظ بما حل بأهلهما
﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ﴾ ثمود: قوم صالح عليه السلام؛ و «الحجر» واد بين المدينة والشام؛ عند وادي القرى،
-[٣١٨]- أو بين مكة وتبوك ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾ الصيحة: العذاب؛ أو هي مقدمة لكل عذاب. وقيل: صرخ فيهم الملك المأمور بإهلاكهم صباحاً


الصفحة التالية
Icon