هَلْ يَنْظُرُونَ} أي ما ينتظر الكفار ﴿إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾ لقبض أرواحهم بالعنف والشدة ﴿أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ بالعذاب ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾ بتعذيبهم ﴿وَلكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بكفرهم وتعريضها للعقاب
﴿فَأَصَابَهُمْ﴾ أي فالذي أصابهم هو ﴿سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ﴾ أي جزاؤها ﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ نزل وأحاط
﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ عبث يقولونه، وباطل يزعمونه: فقد أرسل الله تعالى رسله، وأمرهم بتبليغ دينه الذي ارتضاه لعباده، وخلق لهم العقل الذي به يفهمون ما ينفعهم فيتبعونه، ويدركون ما يضرهم فيجتنبونه ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ﴾ وبعد ذلك قال تعالى: ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ فهل بعد ذلك عذر لمعتذر؟ وهل بعد هذا قول لقائل ﴿لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ ﴿وَلاَ حَرَّمْنَا﴾ البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي. وقولهم هذا يحمل بين طياته الاستهزاء، والتحدي، والسخرية؛ وإلا فهو إيمان مشوب بعصيان؛ لأنه اعتراف ب الله تعالى وقد عبدوا غيره، وإقرار بمشيئته وقد أنكروا وجوده ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ مثل فعلهم، واحتجوا بمثل احتجاجهم، وتناسوا كسبهم لكفرهم ومعاصيهم، وأن جميع ذلك قد كان بمحض اختيارهم؛ بعد أن أنذرتهم رسلهم مغبة أعمالهم، وحذرتهم غضب ربهم وعقابه
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً﴾ لإقامة الحجة عليهم ﴿أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوتَ﴾ الشيطان؛ أو هو كل رأس في الكفر والضلال، أو هو كل ما يؤدي إلى الطغيان إلى الإيمان ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ﴾ وجبت بإصراره على الكفر، واستكباره عن الإيمان
﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ أي نهاية طاقتهم في الأيمان ﴿لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ﴾ أي لا يحييه ثانية للحساب والجزاء (انظر مبحث التعطيل بآخر الكتاب).


الصفحة التالية
Icon