﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ هو تقريب للأذهان؛ والحقيقة أنه تعالى لو أراد شيئاً لكان؛ بغير حاجة للفظ «كن»
﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ لنسكننهم ﴿فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ أي لنبوئنهم تبوئة حسنة؛ وهي سكنى المدينة المنورة؛ على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وأي تبوئة حسنة أفضل من أن ينزل الإنسان بين من يحب، وأن يعيش بين الأطهار الأخيار
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن﴾ العلماء بالتوراة والإنجيل؛ عمن أرسلنا من قبل محمد ﴿إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ بمن أرسلنا من قبل: من رسل؛ ليسوا بالملائكة، بل رجالاً من البشر نوحي إليهم؛ كما أوحينا إلى رسولكم محمد
﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ الحجج الواضحات ﴿وَالزُّبُرِ﴾ الكتب ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ يا محمد ﴿الذِّكْرِ﴾ القرآن؛ كما أنزلنا على من قبلك من الرسل ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ فيه: من الحلال والحرام، والأوامر والنواهي، والوعد والوعيد، وغير ذلك
﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ﴾ أي مكروا بالسيئات. والمكر: الاحتيال والخديعة؛ وقد يقصد بهم الذين يعلنون بالإيمان؛ وليسوا بمؤمنين، ويتباهون بالطاعة؛ وليسوا بطائعين، ويتظاهرون بالعبادة؛ وليسوا بعابدين أفأمن هؤلاء ﴿أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ﴾ كما خسفها بقارون ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أي من حيث لا يتوقعون؛ كما فعل بأصحاب الظلة. وقد أمطرتهم السحابة ناراً؛ عند توقعهم الماء والرخاء
﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ في ذهابهم ومجيئهم، وسفرهم للتجارة ﴿فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ﴾ الله، أو فائتين العذاب الذي يريد إنزاله بهم
﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ أي حال كونهم خائفين مترقبين متوقعين العذاب
-[٣٢٥]- ﴿فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ﴾ بالناس ﴿رَّحِيمٌ﴾ بهم؛ حيث لم يعاجلهم بالعقوبة؛ بل ويعفو عن كثير من ذنوبهم، ويملي لهم علهم يرجعوا عن غيهم وبغيهم


الصفحة التالية
Icon