﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ﴾ بكفرهم، وفسقهم، وعدوانهم ﴿مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ﴾ وهي كل ما يدب على الأرض: من إنسان، وحيوان، وغيرهما ﴿وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ وهو انتهاء آجالهم ﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾ المراد بالساعة هنا: أي زمن؛ طال أو قصر ﴿وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ ساعة
﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ بزعمهم أن الملائكة بنات الله ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ﴾ تقوله وتشيعه؛ يزعمون ﴿أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾ الجنة. ومن ذلك قولهم: ﴿وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى﴾ ﴿لاَ جَرَمَ﴾ لا بد ولا محالة ﴿أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ﴾ لا الجنة كما يزعمون ﴿وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ﴾ مهملون يوم القيامة؛ لا يعبأ بهم، متروكون من رحمة الله تعالى ومغفرته قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ ﴿تَاللَّهِ﴾ قسم فيه معنى التعجب
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَآ﴾ رسلنا ﴿إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾
كفرهم؛ فلم يؤمنوا برسلهم، كما لم يؤمن قومك بك ﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ﴾ أي متولي أمورهم في الدنيا: يسوق لهم فيها ما يشتهونه. أو المراد باليوم: يوم القيامة؛ أي هو متولي أمورهم فيه؛ ولما كان الشيطان عاجزاً عن إنجاء نفسه فيه؛ فهو عن إنجاء غيره أعجز
﴿فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ﴾ بالإنبات ﴿بَعْدَ مَوْتِهَآ﴾ بالجدب
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ﴾ الإبل والبقر والغنم ﴿لَعِبْرَةً﴾ لعظة واعتبار ﴿نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ﴾ وهو ما يحتويه الكرش ﴿وَدَمٍ﴾ وهو ما يجري في العروق ﴿لَّبَناً خَالِصاً﴾ من الشوائب؛ لم يختلط بالفرث، ولم يؤثر فيه الدم ﴿سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾ سهل المرور في حلوقهم؛ لا يغص به شاربه أبداً
﴿وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ﴾ (انظر آية ١٦٦ من سورة البقرة) ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً﴾ خمراً؛ نزلت قبل تحريمها. وقيل: السكر: الخل. ﴿وَرِزْقاً حَسَناً﴾ كالبلح المجفف، والزبيب، وما شاكلهما.
والمعنى: لقد أنعم الله تعالى عليكم بثمرات النخيل والأعناب؛ فاتخذتم منه ما حرم الله عليكم - اعتداء منكم - وطعمتم منه حلالاً طيباً؛ فكيف تقلبون أنعم الله تعالى عليكم نقماً، وتستبدلون شكره كفراً؟
﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ وحي إلهام؛ أي ألهمه ﴿وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾
-[٣٢٨]- أي ومما تبنيه الناس من الخلايا؛ لأن العرش: يطلق على عش الطائر


الصفحة التالية
Icon