﴿وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ﴾ كرره تعالى للتأكيد. أي لا تجعلوها للغش والخداع ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ﴾ أي تزل أقدام الحالفين عن محجة الصواب. وعن طريق الإسلام، الذي رسمه الله تعالى للأنام ﴿بَعْدَ ثُبُوتِهَا﴾ استقامتها وهدايتها ﴿وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ﴾ هو في الدنيا ما يلقاه الكاذب من ازدراء الناس له، وكراهتهم لقياه ومعاملته، وانصرافهم عن صحبته ﴿بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي بصدكم عن الوفاء بالعهد والعقد، أو بصدكم الناس عن الوفاء لاقتدائهم بكم، واتباعهم سنتكم ﴿وَلَكُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ شديد أليم
﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ﴾ لا تستبدلوا ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ أوامره ونواهيه، أو ما عاقدتم الناس عليه ﴿ثَمَناً قَلِيلاً﴾ بأن تنقضوه من أجل قليل المال؛ الذي تأكلونه سحتاً وحراماً وهو قليل - وإن كثر - لانعدام بركته، وكثرة إثمه ﴿إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ من الثواب والأجر ﴿هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ من الدنيا وما فيها
﴿مَا عِندَكُمْ﴾ من مال - حلال أو حرام - كثير أو قليل ﴿يَنفَدُ﴾ يفنى؛ لأن مآله إلى الزوال؛ ولو من أيديكم لأيدي غيركم ﴿وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ دائم، لا يزول ولا ينقطع ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ﴾ على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى الوفاء بالعهود والعقود، وصبروا على ما أصابهم من المحن. لنجزينهم ﴿أَجْرَهُمْ﴾ ثوابهم على ذلك في الدنيا بالحب والود والذكر الحسن، وفي الآخرة بالنعيم المقيم ﴿بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾
أي إن جزاءهم سيكون خيراً من عملهم وأحسن منه؛ ولا بدع فهو جزاء الملك الكريم الرحيم
﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ في الدنيا. والمراد بطيب الحياة: هدوء البال، وانشراح الصدر (انظر آية ١٢٤ من سورة طه) ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ﴾ في الآخرة ﴿بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي جزاء خيراً مما عملوا
﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾ أي أردت قراءته ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ وهو دليل على وجوب الاستعاذة قبل القراءة؛ وذهب الأكثرون إلى أنها غير واجبة، بل مندوبة. ودليل الوجوب أقوى: فقد ورد عن الرسول الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه: أن جبريل عليه الصلاة والسلام أقرأها له «أعوذ ب الله من الشيطان الرجيم» وقد ثبت أنه كان يستعيذ قبل القراءة في الصلاة؛ وعلى ذلك كثير من الصحابة والتابعين
﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ﴾ قدرة وتسلط ﴿عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ في سائر أمورهم
﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ﴾ تسلطه وإغواؤه ﴿عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ يطيعونه فيما يوسوس إليهم به؛ مما يخالف ما جاء به الرسل. يقال: توليته؛ إذا أطعته، وتوليت عنه؛
-[٣٣٣]- إذا أعرضت ﴿وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ أي بربهم


الصفحة التالية
Icon