﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً﴾ هي مكة المكرمة؛ والمراد أهلها ﴿كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً﴾ من أن يغير عليها أحد، أو يعلن العداء لأهلها ﴿يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً﴾ واسعاً. قال تعالى: ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾ أي لم تشكره على ما آتاها من خير، وما وهبها الله من رزق (انظر آية ٧ من سورة إبراهيم) ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ﴾ أي أذاق أهلها ﴿لِبَاسَ الْجُوعِ﴾ دعا عليهم الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه؛ فقال: (اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف) فابتلاهم الله تعالى بالقحط سبع سنين؛ حتى أكلوا العظام والجيف أذاقها الله تعالى أيضاً لباس ﴿الْخَوْفِ﴾ فكانت سرايا رسولالله تطيف بهم ليلاً ونهاراً. ووصف الله تعالى الجوع والخوف باللباس: لأنهما خالطا أجسامهم مخالطة اللباس ﴿بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ أي بسبب ما صنعوا من المعاصي. وقيل: هذا المثل مضروب لكل قرية هذه صفتها، وتلك حالها وذهب بعضهم إلى أن المراد بالقرية: المدينة المنورة؛ وليس بشيء
﴿وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ﴾ هو خاتم الرسل عليه الصَّلاة والسَّلام} الله
﴿عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ﴾ المسفوح
﴿وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ أي ما ذبح على النصب، وما ذكر اسم غير الله تعالى عليه ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ إلى تناول شيء من هذه المحرمات؛ خشية هلاك محقق ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ على المسلمين ﴿وَلاَ عَادٍ﴾ معتد عليهم. أو «غير باغ» في أكلها؛ بأن يأكلها مستطيباً لها، متلذذاً تناولها «ولا عاد» باستيفاء الأكل إلى حد الشبع؛ بل يتناول منها ما يسد رمقه، ويمنع تلفه
﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ﴾ أي لما تصف من الكذب ﴿هَذَا حَلاَلٌ﴾ وهو ليس بحلال ﴿وَهَذَا حَرَامٌ﴾ لما ليس بحرام
﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ﴾ في الدنيا لهؤلاء الكاذبين المفترين ﴿وَلَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ مؤلم.


الصفحة التالية
Icon