﴿وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ إليهم وحياً مقضيًّا أو حياً ﴿فِي الْكِتَابِ﴾ التوراة ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ﴾ بالمعاصي ﴿مَّرَّتَيْنِ﴾ أولاهما: قتل زكريا. وحبس أرمياء عليهما السلام، والأخرى: قتل يحيى، وقصد قتل عيسى عليهما السلام ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ تبغون بغياً عظيماً؛ وأي بغي أشد من قتل خيرة خلق الله تعالى، والداعين إلى دينه الحق؟
﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا﴾ أولى مرتي الفساد؛ المشار إليهما بقوله تعالى: ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ﴾ هم أهل بابل؛ وكان عليهم بختنصر.
وقيل: جالوت
﴿أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾
ذوي قوة وبطش. قيل: في المرة الأولى جاءت جند من فارس متنكرون؛ يتجسسون أخبارهم، ويعلمون مواطن ضعفهم؛ لذا قال تعالى: ﴿فَجَاسُواْ﴾ أي تجسسوا، والجوس: طلب الشيء بالاستقصاء، والتردد خلال الدور والبيوت في الغارة
﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ أعدنا لكم القوة والغلبة؛ حين تبتم وأنبتم. قيل: كان ذلك بقتل داود جالوت ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ عشيرة وعدداً
﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ﴾ أعمالكم ﴿أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ﴾ لأن ثواب إحسانكم عائد إليها ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ أي فلأنفسكم عقوبة إساءتكم ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ﴾ وعد المرة الآخرة في الفساد الذي تقومون به في الأرض؛ وكان ذلك بقتل يحيىبن زكرياء عليهما السلام ﴿لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ﴾ أي بعثناهم «ليسوءوا وجوهكم» وإساءة الوجه: ظهور الحزن والأسى عليه. والمراد: ليحزنوكم بالقتل والأسر والسبي. وقد يراد بـ «وجوهكم»: أشرافكم وساداتكم؛ وهو أبلغ في الهوان والإذلال ﴿وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ﴾ بيت المقدس: دخلوه فاتحين فخربوه ﴿كَمَا دَخَلُوهُ﴾ وخربوه ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾ أي يهلكوا كل شيء استولوا عليه
﴿وَإِنْ عُدتُّمْ﴾ إلى الكفران والعصيان ﴿عُدْنَا﴾ إلى العقوبة والإذلال ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾ من التضييق والحصر. أي محبساً وسجناً، أو فراشاً يتقلبون عليه
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ أي للطريقة التي هي أصوب وأعدل


الصفحة التالية
Icon