﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ أي لا تكن بخيلاً ﴿وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ فتكن من المسرفين ﴿فَتَقْعُدَ مَلُوماً﴾ مستوجباً للوم: من نفسك، ومن بني جنسك ﴿مَّحْسُوراً﴾ متحسراً
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يضيق
﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾ فقر ﴿خَطَئاً﴾ إثماً وخطأ
﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى﴾ اعلم - هداك الله تعالى - أن قربان الزنا غير إتيانه، وقرع الباب غير ولوجه. وقد أريد بقربانه: غشيان مواضعه، وتعريض النفس له؛ من إطالة النظر، وإشغال الفكر، وإشباع الغرائز: قال تعالى: ﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ﴾ فإذا ما صان الإنسان نفسه، وكف بصره: تجنب مواضع الزلل ولا يخفى ما في الزنا من فساد للأنساب، وقطع للأرحام؛ وما يترتب عليه من فتك الأمراض الخبيثة بالنفوس؛ وهو من الذنوب التي جاء ذمها وتقبيحها والزجر عليها في سائر الأديان؛ والدليل على فحش هذا الجرم وشناعته: قسوة عقابه، وشدة جزائه؛ فقد جعل الشارع الحكيم عقوبة الزنا: الرجم بالحجارة للمحصن «المتزوج» وجلد مائة لغير المحصن «الأعزب» (انظر آيتي ١٦ من هذه السورة، و٢ من سورة النور» ﴿وَسَآءَ سَبِيلاً﴾
أي بئس هذا الطريق طريقاً
﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً﴾ بغير ذنب يستحق عليه القتل ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ﴾ لوارثه المطالب بدمه ﴿سُلْطَاناً﴾ تسلطاً على القاتل وحده ﴿فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ﴾ بأن يقتل غير القاتل، أو يقتل بعد أخذه الدية ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ بكلمة الله تعالى وأمره
﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ كأن ينميه ويستثمره، ولا يأخذ الوصي منه شيئاً إلا بمقدار ما يأكل - إذا كان فقيراً - بشرط عدم الإخلال برأس المال ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ أي قوته: وهو ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ﴾ الذي تعاهدون الناس عليه، والميثاق الذي تواثقونهم به ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ عنه. وقيل: يسأل العهد نفسه؛ تبكيتاً لناقضه، وتقريعاً له (انظر آيتي صلى الله عليه وسلّم من سورة المائدة، و٧٢ من سورة الأنفال)
﴿وَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ﴾ الميزان ﴿ذلِكَ خَيْرٌ﴾ في الدنيا: بحب الناس لكم، وإقبالهم عليكم. وفي الآخرة: برضا الرب عنكم، وإحسانه إليكم ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ أي أحسن مآلا وعاقبة
﴿وَلاَ تَقْفُ﴾ ولا تَتَتَبَّعْ ﴿مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ كأن تقول: سمعت؛ وأنت لم تسمع، ورأيت؛ وأنت لم تر؛ وعلمت؛ وأنت لم تعلم ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ﴾ الفؤاد: القلب؛ وأريد به العقل ﴿كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ﴾ الإنسان ﴿مَسْؤُولاً﴾ فيجب على العاقل الحكيم ألا يسمع إلا خيراً، وألا يرى محرماً، وألا يفكر
-[٣٤٣]- شراً، ولا يعتقد نكراً


الصفحة التالية
Icon