﴿وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ﴾ الرسل ﴿بِالآيَاتِ﴾ المعجزات التي يقترحونها ﴿إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ﴾ أي كذب بها آباؤهم، بعد أن أرسلناها لهم ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ أي آية واضحة جلية ﴿فَظَلَمُواْ بِهَا﴾ أي كفروا بها، وظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب والعذاب الأليم؛ وأهلكناهم بسبب هذا الكفر وذلك التكذيب ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ﴾ أي القرآن؛ وما فيه من نذر، وقصص وعبر أو أريد «بالآيات» المعجزات ﴿إِلاَّ تَخْوِيفاً﴾ للمكذبين؛ فلا يستمرئون تكذيبهم، وللكافرين، فلا يبقون على كفرهم
﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ﴾ يا محمد ﴿إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ علماً وقدرة ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ﴾ وهو أنه رأى في منامه - عام الحديبية - أنه يدخل مكة. غير أنه رد عنها في هذا العام؛ فافتتن المسلمون لذلك، فنزلت هذه الآية؛ فلما كان العام القابل دخل الرسول مكة فاتحاً - كما رأى في منامه - وأنزل الله تعالى ﴿لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ وقيل: رأى في منامه مصارع الكفار في وقعة بدر، وكان يقول حين ورد ماء بدر: والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم؛ ويوميء إلى الأرض ويقول: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان؛ وقد كان ما قال وما رأى؛ صلوات الله تعالى وسلامه عليه
﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ﴾ أي الملعون آكلها وهي شجرة الزقوم
﴿قَالَ﴾ إبليس اللعين؛ محاجاً ربه ﴿أَرَأَيْتَكَ﴾ أي أرأيت؛ والكاف: توكيد للمخاطبة؛ والمعنى: أخبرني عن ﴿هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ فضلته، وجعلته فوقي في المرتبة: لم فضلته عليّ؛ وقد خلقتني من نار، وخلقته من طين؛ والنار خير من الطين؟ ﴿لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ﴾ لأستأصلنهم جميعاً بالإغواء؛ يقال: احتنك الجراد الزرع: إذا ذهب به كله
﴿قَالَ﴾ تعالى لإبليس ﴿اذْهَبْ﴾ مذموماً مدحوراً ﴿فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ أي من أطاعك واستجاب لإغوائك من ذرية آدم ﴿فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً﴾ كاملاً وافراً
﴿وَاسْتَفْزِزْ﴾ استخف واستنزل ﴿وَأَجْلِبْ﴾ اجمع وصح بهم؛ وهو من الجلبة ﴿بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ﴾ أي بركبانك ومشاتك ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ﴾ بأن تزين لهم الربا، والسرقة، والغصب؛ أو أن ينفقوها في معصية الله ﴿وَالأَوْلاَدِ﴾ بأن يكونوا أبناء إثم وسفاح؛ لا أبناء طاعة ونكاح ﴿وَعَدَّهُمْ﴾ أي منِّهم بالأماني الكاذبة، والآمال الباطلة؛ بأن لا قيامة، ولا حساب، ولا جزاء؛ وأنه إن كان ثمت قيامة وحساب، وجنة ونار؛ فإنهم أصحاب الجنة، وهم أولى بها ممن سواهم. قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً﴾
﴿إِنَّ عِبَادِي﴾ الذين آمنوا بي، وصدقوا برسلي، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم؛ فهؤلاء ﴿لَيْسَ
-[٣٤٦]- لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾
تسلط وقوة


الصفحة التالية
Icon