﴿رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي﴾ يسوق ويسير ﴿لَكُمُ الْفُلْكَ﴾ السفن ﴿لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ لتطلبوا الرزق بطريق التجارة، والتنقل في البلاد
﴿ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾
أي غاب من تستغيثون به فيغيثكم، إلا الله تعالى فهو وحده حاضر لا يغيب ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ فادعوه مخلصين له الدين ينجيكم مما تخافون، ويخلصكم مما تحذرون ﴿فَلَمَّا نَجَّاكُمْ﴾ من الضر الذي لحقكم، والموت الذي أحاط بكم ﴿أَعْرَضْتُمْ﴾ عن عبادته، ونسيتم ما أسبغ عليكم من نعمته
﴿أَفَأَمِنْتُمْ﴾ وقد نجوتم من البحر إلى اليابسة ﴿أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ﴾ بأن يزلزل الأرض ويدكها ويخسفها بكم؛ كما فعل بمن سبقكم من المكذبين: كقارون ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً﴾ الحاصب: الريح الشديدة التي ترمي بالحصباء؛ وهي الحصى
﴿أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ﴾ أي في البحر ﴿تَارَةً أُخْرَى﴾ مرة أخرى ﴿فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ﴾ فيه ﴿قَاصِفاً مِّنَ الرِّيحِ﴾ وهي الريح التي تكسر الفلك والشجر ﴿تَبِيعاً﴾ مطالباً
﴿يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ برئيسهم وهو نبيهم؛ فيقال: يا أمة موسى؛ يا أمة عيسى، يا أمة محمد ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ الفتيل: مثل للحقارة والصغر. وهو قشرة النواة، أو كل ما يفتل بالأصابع؛ مما يدق عن الحس
﴿وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ﴾ الدنيا ﴿أَعْمَى﴾ عن الحق: أريد به عمى القلوب لا العيون ﴿فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ ﴿فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى﴾ عن النجاة؛ كالأعمى حينما يتعثر فيما يلقاه
﴿وَإِن كَادُواْ﴾ قاربوا ﴿لَيَفْتِنُونَكَ﴾ يزيلونك ﴿عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ﴾ من القرآن. قيل عن هذه الفتنة: إن قريشاً منعت الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه من الطواف بالبيت، واستلام الحجر الأسود: حتى يلم بآلهتهم؛ فحدث الرسول نفسه في ذلك: فنزلت عقاباً له على ما هجست به نفسه ونزل قوله تعالى:
﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ﴾ على ما أنت عليه من الحق ﴿لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾ لأنه قال في نفسه: وما عليِّ أن ألم بآلهتهم بعد أن يدعوني أستلم الحجر؛ والله يعلم أني لها كاره مبغض وقيل: إنهم طلبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام الكف عن ذم آلهتهم
﴿إِذَآ﴾ لو فعلت ما طلبوه ﴿لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ أي لعذبناك عذاباً مضاعفاً في الحياة، وبعد الممات وحاشاه أن يركن إليهم؛ وإنما ورد هذا على سبيل التهديد للكفار، ولمن تحدثه نفسه بالركون إلى الكافرين - كما يفعل مسلمو اليوم
﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ﴾ ليزعجونك ويفزعونك ﴿وَإِذَآ﴾ إذا أخرجوك من أرضك ﴿لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ﴾ خلفك وبعدك ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ ثم يهلكهم الله
﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا﴾ أي هذه سنتنا وطريقتنا: أن نهلك من
-[٣٤٧]- يعادون رسلهم ويخرجونهم


الصفحة التالية
Icon