﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ جنات الإقامة؛ من عدن بالمكان: إذا أقام فيه ﴿سُنْدُسٍ﴾ ما رق من الديباج ﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾ ما غلظ منه ﴿الأَرَآئِكِ﴾ السرر
﴿وَاضْرِبْ لَهُم﴾ يا محمد ﴿مَّثَلاً﴾ للكافر والمؤمن، أو لمن يعتز بالدنيا ويترك الآخرة وراء ظهره، ومن يرغب في الآخرة ولا يحرص على الدنيا؛ فمثلها كمثل ﴿رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا﴾ وهو المقبل على الدنيا، المنصرف عن الآخرة ﴿جَنَّتَيْنِ﴾ بساتين ﴿مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ﴾ والبستان إذا أحيط بالنخيل: ضم إلى حسن المخبر؛ جمال المنظر (انظر آية ٢٦٦ من سورة البقرة)
﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا﴾ أعطت ثمرها كاملاً ﴿وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئاً﴾ أي لم تنقص من ثمارها شيئاً: أينعت كأحسن ما يكون الينع، وأثمرت كأحسن ما يكون الثمار
﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً﴾ إمعاناً في حسنهما وزيادة في خصوبتهما
﴿وَكَانَ لَهُ﴾ أي لصاحب الجنتين ﴿ثَمَرٌ﴾ مال وافر مثمر؛ مما حازه من جنتيه في سابق أيامه ﴿فَقَالَ لَصَاحِبِهِ﴾ المقبل على الآخرة، المنصرف عن الدنيا ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً﴾ أي وأعظم عشيرة. والنفر: الرهط؛ وهو ما دون العشرة. وترك صاحبه
﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ دخل أحد بستانيه ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ بالكفر، وعدم الشكر وبالغرور والكبر؛ وحين رأى كثرة ثماره، وجريان أنهاره، وأوحى إليه الشيطان أن توافر المال والماء موجب لتوافر المحصول والثراء و ﴿قَالَ﴾ في نفسه ﴿مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ﴾ الجنة
﴿وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ كما يزعمون ﴿وَلَئِن﴾ كانت قائمة، و ﴿رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ﴾ عنده ﴿خَيْراً مِّنْهَا﴾ أي خيراً من جنتي هذه ﴿مُنْقَلَباً﴾ مرجعاً وعاقبة؛ وذلك كقول نظائره من الكافرين ﴿وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً﴾
﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ﴾ المؤمن؛ رداً على ما قاله: كيف تقول ما قلت؟ وكيف تنكر البعث والقيامة؟ ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ﴾ أي خلق آدم - وهو أصل البشرية - خلقه الله تعالى ﴿مِن تُرَابٍ ثُمَّ﴾ خلق أبناءه جميعاً ﴿مِن نُّطْفَةٍ﴾ مني ﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً﴾ سميعاً، بصيراً، عاقلاً (انظر آية ٢١ من سورة الذاريات)
﴿لَّكِنَّ﴾ أصلها
-[٣٥٧]- «لكن أنا» ﴿هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾ أي أنا شأني أن أقول: «الله ربي» ﴿وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً﴾ ولا أكفر بنعمته تعالى؛ كما كفرت أنت