﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ في الجو، أو نذهب بها؛ بأن نجعلها هباء منثوراً ﴿وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً﴾ ظاهرة؛ لا يسترها شيء مما كان عليها؛ من الجبال والأشجار ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ﴾ أي جمعنا الخلائق في المحشر للحساب ﴿فَلَمْ نُغَادِرْ﴾ لم نترك
﴿وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ صَفَّاً﴾ أي مصطفين؛ بحيث لا يخفى أحد منهم، أو يستتر بغيره؛ ويقال لهم وقت عرضهم ﴿لَقَدْ﴾ بعثناكم بعد موتكم، وأعدناكم بعد بلاء أجسادكم؛ وها أنتم أولاء ﴿جِئْتُمُونَا﴾ بأجسادكم وأرواحكم ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ وقد ذكرنا لكم ذلك - على لسان رسلنا - فكذبتم وعصيتم و ﴿زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً﴾
نحاسبكم فيه
﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ الذي فيه أعمال الخلائق؛ منذ ولادتهم حتى موتهم ﴿فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ﴾ الكافرين ﴿مُشْفِقِينَ﴾ خائفين ﴿مِمَّا فِيهِ﴾ من أعمال سيئة عملوها، وجرائم بغيضة ارتكبوها ﴿لاَ يُغَادِرُ﴾ لا يترك ﴿وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ﴾ في الدنيا ﴿حَاضِراً﴾ مثبتاً في الصحف، واضحاً. أو وجدوا جزاء ما عملوا معداً لهم
﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ خرج عن طاعته ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ﴾ ومن ذرية إبليس اللعين: من يوسوس في الصلاة، ومن يحض على الزنا، ومن يأكل مع من لم يسمالله، ومن يزعج عند المصيبة ويحض على عدم الصبر إلى ما لا نهاية من الإضلال والإفساد ﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ ألا ترون أنهم ينصبون لكم الأحابيل، ويزينون لكم الأباطيل ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ﴾ الكافرين ﴿بَدَلاً﴾ أن يستبدلوا طاعة الله تعالى ورسله؛ بطاعة إبليس وذريته
﴿مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ﴾ أي ما أشهدت إبليس وذريته ﴿خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وما استعنت بهم ﴿وَلاَ﴾ أشهدتهم ﴿خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ﴾ أي ولم أشهد بعضهم خلق بعض؛ بل خلقت الجميع بإرادتي وقدرتي؛ ولم أستعن بأحد منهم فكيف تطيعونهم وتتبعونهم ﴿وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً﴾ أي أعواناً أعتضد بهم وأستعين
﴿وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ الله تعالى
-[٣٥٩]- ﴿نَادُواْ شُرَكَآئِيَ﴾ الذين أشركتموهم معي في العبادة ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ فنادوهم، أو استغاثوا بهم ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ﴾ وكيف يجيب من لا يجد له مستجيب؟ أو كيف يغيث من ليس له مغيث؟ ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم﴾ أي بين العابدين والمعبودين ﴿مَّوْبِقاً﴾ مهلكاً؛ وهو جهنم: يهلكون فيها جميعاً. وقيل «موبقاً» حاجزاً بينهم وبين من عبدوا؛ من الملائكة، وعزير، وعيسى؛ إذ أنهم في أعالي الجنات، وعابديهم في أحط الدركات


الصفحة التالية
Icon